و هو تألم القلب و احتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال مشكوك الوقوع، فلو علم أو ظن حصوله سمى توقعه انتظار مكروه، و كان تألمه أشد من الخوف، و كلامنا في كليهما. و فرقه عن الجبن على ما قررناه من حدهما ظاهر، فإن الجبن هو سكون النفس عما يستحسن شرعا و عقلا من الحركة إلى الانتقام أو شيء آخر، و هذا السكون قد يتحقق من غير حدوث التألم الذي هو الخوف، مثلا من لا يجترئ على الدخول في السفينة أو النوم في البيت وحده أو التعرض لدفع من يظلمه و يتعرض له يمكن اتصافه بالسكون المذكور مع عدم تألم بالفعل، فمثله جبان و ليس بخائف. و من كان له ملكة الحركة إلى الانتقام و غيره من الأفعال التي يجوزها الشرع و العقل ربما حصل له التألم المذكور من توقع حدوث بعض المكاره، كما إذا أمر السلطان بقتله، فمثله خائف و ليس بجبان.
ثم الخوف على نوعين: (أحدهما) مذموم بجميع أقسامه، و هو الذي لم يكن من اللّه و لا من صفاته المقتضية للهيبة و الرعب، و لا من معاصي العبد و جناياته، بل يكون لغير ذلك من الأمور التي يأتي تفصيلها. و هذا النوع من رذائل قوة الغضب من طرف التفريط، و من نتائج الجبن. و (ثانيهما) محمود و هو الذي يكون من اللّه و من عظمته و من خطأ العبد و جنايته، و هو من فضائل القوة الغضبية، إذ العاقلة تأمر به و تحسنه، فهو حاصل من انقيادها لها. و لنفصل القول في أقسام النوعين، و بيان العلاج في إزالة أقسام الأول و تحصيل الثاني: