responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 235

لئلا يكون غده مثل يومه. و هذا القدر من التفكر في كل يوم و ليلة لازم لكل ديّن معتقد بالنشأة الآخرة، و قد كان ذلك عادة و ديدنا لسلفنا المتقين في صبيحة كل يوم أو عشية كل ليلة، بل كانت لهم جريدة يكتبون فيها رءوس المهلكات و المنجيات و يعرضون في كل يوم و ليلة صفاتهم عليها، و مهما اطمأنوا بقطع رذيلة أو الاتصاف بفضيلة يخطون عليها في الجريدة، و يدعون الفكر فيها، ثم يقبلون على البواقي، و هكذا يفعلون حتى يخطوا على الجميع، و من كان أقل مرتبة منهم من الصلحاء ربما يثبتون في جريدتهم بعض المعاصي الظاهرة من أكل الحرام، و الشبهة، و إطلاق اللسان، و الكذب، و الغيبة و المزاء، و النميمة، و المداهنة مع الخلق بترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر... و غير ذلك، و يفعلون بمثل ما مر.

و بالجملة: كان إخواننا السالفون و سلفنا الصالحون لا ينفكون عن هذا النوع من التفكر، و يرونه من لوازم الإيمان بالحساب، فأف علينا حيث تركنا بهم التأسي و القدوة، و خضنا في غمرات الغفلة، و لعمري إنهم لو رأونا لحكموا بكفرنا و عدم إيماننا بيوم الحساب، كيف و أعمالنا لا تشابه أعمال من يؤمن بالجنة و النار. فإن من خاف شيئا هرب منه، و من رجا شيئا طلبه، و نحن ندعي الخوف من النار و نعلم أن الهرب منها بترك المعاصي و مع ذلك منهمكون فيها، و ندعي الشوق إلى الجنة و نعلم أن الوصول إليها بكثرة الطاعات و مع ذلك مقصرون في فعلها.

ثم هذا النوع من التفكر إنما هو تفكر العلماء و الصالحين، و أما تفكر الصديقين فأجل من ذلك، لأنهم مستغرقون في لجة الحب و الأنس، و منقطعون بشراشرهم إلى جناب القدس، ففكرهم مقصور على جلال اللّه و جماله و قلبهم مستهتر به، بحيث فنى عن نفسه و نسى صفاته و أحواله، فحالهم أبدا كحال‌

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست