responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 232

ثم التفكر في ذات اللّه، بل في بعض صفاته مما لا يجوز، و قد منعته الشريعة الحقة الإلهية و الحكمة المتعالية الحقيقية، لأن ذاته أجل من أن تكون مرقى لأقدام الأفهام، أو مرمى لسهام الأوهام، فطرح النظر إليه يورث اختلاط الذهن و الحيرة، و جولان الفكر فيه يوجب اضطراب العقل و الدهشة و بعض الصديقين المتجردين عن جلباب البدن لو أطاقوا إليه مد البصر فإنما هو كالبرق الخاطف، و لو تجاوزوا عن ذلك لاحترقوا من سبحات وجهه.

و حال الصديقين في ذلك كحال الإنسان في النظر إلى الشمس، فإنه و إن قدر على مد البصر إليها، إلا أن إدامته يورث الضعف و العمش، بل لا مشابهة بين الحالين، و إنما هو مجرد تقريب و تفهيم، فإن المناسبة بين نور الشمس و نور البصر في الجملة ثابتة، و أين مثل هذه المناسبة بين نور البصر و نور الأنوار القاهر على كل نور بالإحاطة و الغلبة، و ما من نور إلا و هو منبجس من نوره و مترشح عن ظهوره، فكل نور في مرتبة نوره زائل، و كل ظهور في جنب ظهوره و شروقه مضمحل باطل.

و لما كان التفكر في ذاته تعالى مذموما، فانحصر التفكر الممدوح في التفكر في عجائب صنعه و بدائع خلقه-و قد تقدم-و في ما يقرب العبد إلى اللّه من الفضائل الخلقية و الطاعات العضوية، و ما يبعده عنه من الملكات الباطنة و المعاصي الظاهرة. و هذه الملكات و الأفعال هي المعبر عنها بالمنجيات و المهلكات و الطاعات و السيئات التي تذكر في هذا الكتاب و في غيره من كتب الأخلاق، و المراد بالتفكر فيها ههنا أن يتفكر العبد في كل يوم و ليلة في وقت واحد أو أوقات متعددة في أخلاقه الباطنة و أعماله الظاهرة، و يتفحص عن حال قلبه و أعضائه، فإن وجد قلبه مستقيما على جادة العدالة متصفا بجميع الفضائل الخلقية و مجتنبا عن الرذائل الباطنة، و وجد أعضاءه‌

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست