تعالى، و ليس وراء ذلك خاطر محمود متعلق بالدين أو غير ذلك من الخواطر المذمومة المتعلقة بالدنيا.
و إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه من معالجات مرض الوسواس معرفة شرافة ضده الذي هو الخاطر المحمود، ليبعثه على المواظبة عليه الموجبة لدفع الوساوس. و فضيلة الخواطر المحمودة الباعثة على الأفعال الجميلة يأتي ذكرها في باب النية و ربما يعلم من بيان فضيلة نفس هذه الأفعال أيضا كما يأتي ذكرها في باب النية، و فضيلة الذكر القلبي يعلم في باب مطلق الذكر.
أما بيان شرافة التفكر و بعض مجاريه من أفعال اللّه تعالى و الإشارة إلى كيفية التفكر فيها و فيما يقرب العبد إلى اللّه تعالى و فيما يبعده عنه، فلنشر إلى مجمل منه هنا لتعلقه بالقوة النظرية، فنقول:
التفكر: هو سير الباطن من المبادئ إلى المقاصد، و المبادئ : هي آيات الآفاق و الأنفس، و المقصد: هو الوصول إلى معرفة موجودها و مبدعها و العلم بقدرته القاهرة و عظمته الباهرة، و لا يمكن لأحد أن يترقى من حضيض النقصان إلى أوج الكمال إلا بهذا السير. و هو مفتاح الأسرار و مشكاة الأنوار، و منشأ الاعتبار و مبدأ الاستبصار، و شبكة المعارف الحقيقة و مصيدة الحقائق اليقينية، و هو أجنحة النفس للطيران إلى وكرها القدسي، و مطية الروح للمسافرة إلى وطنها الأصلي و به تنكشف ظلمة الجهل و أستاره و تنجلى أنوار العلم و أسراره، و لذا ورد عليه الحث و المدح في الآيات و الأخبار كقوله سبحانه: