إلى التزين بالثياب الفاخرة، و العجلة في الأمر، و خوف الفاقة و الفقر، و التعصب لغير الحق، و سوء الظن بالخالق و الخلق... و غير ذلك من رؤس ذمائم الصفات و رذائل الملكات، فإنها أبواب عظيمة للشيطان، فإذا وجد بعضها مفتوحا يدخل منه في القلب بالوساوس المتعلقة به، و إذا سدت لم يكن له إليه سبيل إلا على طريق الاختلاس و الاجتياز.
(الثاني) عمارة القلب بأضدادها
من فضائل الأخلاق و شرائف الاوصاف، و الملازمة للورع و التقوى، و المواظبة على عبادة ربه الأعلى.
(الثالث) كثرة الذكر بالقلب و اللسان،
فإذا قلعت عن القلب أصول ذمائم الصفات المذكورة التي هي بمنزلة الأبواب العظيمة للشيطان، زالت عنه وجوه سلطنته و تصرفاته، سوى خطراته و اجتيازاته، و الذكر يمنعها و يقطع تسلطه و تصرفه بالكلية، و لو لم يسد أبوابه أولا لم ينفع مجرد الذكر اللساني في إزالتها، إذ حقيقة الذكر لا يتمكن في القلب إلا بعد تخليته عن الرذائل و تحليته بالفضائل، و لولاهما لم يظهر على القلب سلطانه، بل كان مجرد حديث نفس لا يندفع به كيد الشيطان و تسلطه، فإن مثل الشيطان مثل كلب جائع، و مثل هذه الصفات المذمومة مثل لحم أو خبز أو غيرهما من مشتهيات الكلب، و مثل الذكر مثل قولك له: اخسأ. و لا ريب في أن الكلب إذا قرب إليك و لم يكن عندك شيء من مشتهياته فهو ينزجر عنك بمجرد قولك:
اخسأ، و إن كان عندك شيء منها لم يندفع عنك بمجرد هذا القول ما لم يصل إلى مطلوبه. فالقلب الخالي عن قوت الشيطان يندفع عنه بمجرد الذكر، و أما القلب المملو منه فيدفع الذكر إلى حواشيه، و لا يستقر في سويدائه، لاستقرار الشيطان فيه. و أيضا الذكر بمنزلة الغذاء المقوي، فكما لا تنفع الأغذية المقوية ما لم ينق البدن عن الأخلاط الفاسدة و مواد الأمراض الحادثة، كذلك