الصدر، و هذه الأمور كالسقي و التربية له، فينمو ذلك البذر بها و يتقوى و يزداد رسوخا، حتى يرتفع شجرة طيبة راسخة أصلها ثابت و فرعها في السماء. ثم من وصل إلى مقام العقيدة الجازمة إن اشتغل بالشواغل الدنيوية و لم يشتغل بالرياضة و المجاهدة لم ينكشف له غيره، و لكنه إذا مات مات مؤمنا على الحق و سلم في الآخرة، و إن اشتغل بتصقيل النفس و ارتياضها انشرح صدره و انفتح له باب الإفاضة، و وصل إلى المرتبة الأولى.
أنواع الرذائل المتعلقة بالعاقلة
أما الأنواع المتعلقة بالعاقلة
فمنها:
الجهل المركب
و هو خلو النفس عن العلم و إذعانها بما هو خلاف الواقع، مع اعتقاد كونها عالمة بما هو الحق، فصاحبه لا يعلم، و لا يعلم أنه لا يعلم، و لذا سمي مركبا. و هو أشد الرذائل و أصعبها، و إزالته في غاية الصعوبة، كما هو ظاهر من حال بعض الطلبة. و قد اعترف أطباء النفوس بالعجز عن معالجته كما اعترف أطباء الأبدان بالعجز عن معالجة بعض الأمراض المزمنة، و لذا قال عيسى-7-: «إني لا أعجز عن معالجة الأكمه و الأبرص و أعجز عن معالجة الأحمق» . و السر فيه!أنه مع قصور النفس بهذا الاعتقاد الفاسد لا يتنبه على نقصانها، فلا يتحرك للطلب، فيبقى في الضلالة و الردى ما دام باقيا في دار الدنيا. ثم إن كان المنشأ له اعوجاج السليقة فأنفع العلاج له تحريض صاحبه على تعلم العلوم الرياضية من الهندسة و الحساب، فإنها موجبة لاستقامة الذهن لألفه لأجلها باليقينيات فيتنبه على خلل اعتقادها، فيصير جهلها بسيطا، فينتهض للطلب. و إن كان خطأ في الاستدلال، فليوازن استدلاله لاستدلالات أهل التحقيق و المشهورين باستقامة القريحة، و يعرض