responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 124

و إذا ثبت ذلك فاعلم: أن تهذيب الأخلاق لما كان أمرا صناعيا لزم أن يقتضى في تحصيله من حيث الترتيب بأفعال الطبيعة في ترتيب حصولها، فنقول:

لا ريب في أن أول ما يحصل في الطفل قوة طلب الغذاء، و إذا زادت تلك القوة يبكي و يرفع صوته لأجل الغذاء، و إذا قويت حواسه و تمكن من حفظ بعض الصور يطلب صورة الأم أو الظئر [1] ، و جميع ذلك متعلق بالقوة الشهوية. و نهاية هذه القوة و كمالها أن يتم ما يتعلق بالشخص من الأمور الشهوية، و ينبعث منه الميل إلى استبقاء النوع، فيحدث ميل النكاح و الوقاح. ثم تظهر فيه آثار القوة الغضبية حتى يدفع عن نفسه ما يؤذيه و لو بالاستعانة بغيره. و غاية كمال هذه القوة حصول التمكن من حفظ الشخص و الإقدام على حفظ النوع، فيحدث فيه الميل إلى ما يحصل به التفوق من أصناف الرئاسات و الكرامات. ثم تظهر فيه آثار قوة التمييز و تتزايد إلى أن يتمكن من تعقل الكليات.

و هنا يتم ما يتعلق بالطبيعة من التدبير و التكميل، و يكون ابتداء التكميل الصناعي، فلو لم يحصل الاستكمال بالكسب و الصناعة بقى على هذه الحالة و لم يبلغ إلى الكمال الحقيقي الذي خلق الإنسان لأجله، لأنه لم يخلق أحد مجبولا على الاتصاف بجميع الفضائل الخلقية إلا من أيد من عند اللّه بالنفس القدسية، و إن كان بعض الناس أكثر استعدادا لتحصيل بعض الكمالات من بعض آخر، فلا بد لجل الأنام في تكميل نفوسهم من الكسب و الاستعلام.

فظهر مما ذكر: أن الطبيعة تولد أولا قوة الشهوة، ثم قوة الغضب، ثم قوة التمييز، فيجب أن يقتدى به في التكميل الصناعي، فيهذب أولا القوة الأولى ليكتسب العفة، ثم الثانية ليتصف بالشجاعة، ثم الثالثة ليتحلى


[1] يريد بها المرضعة.

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست