responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 183

فإن قال قائل: إنّه قد يكون للإنسان عبيد من الإنس يذلّون ويذعنون بالكديد الشديد، وهم مع ذلك [غير] عديمي العقل والذهن؟

فيُقال في جواب ذلك: إنّ هذا الصنف من الناس قليل، فأمّا أكثر الناس فلا يذعنون بما تذعن به الدوابّ من الحمل والطحن وما أشبه ذلك، ولا يغرون‌ [1] بما يحتاج إليه منه، ثمّ لو كان الناس يزاولون مثل هذه الأعمال بأبدانهم، لشغلوا بذلك عن سائر الأعمال؛ لأنّه كان يحتاج مكان الحمل الواحد والبغل الواحد عدّة أناسيّ، فكان هذا العمل يستفرغ الناس حتّى لا يكون فيهم عنه فضل لشي‌ء من الصناعات، مع ما يلحقهم من التعب القادح في أبدانهم، والضيق والكدّ في معاشهم.

فكِّر يا مفضّل في هذه الأصناف الثلاثة من الحيوان وفي خلقتها على ما هي عليه بما فيه صلاح كلّ واحدٍ منها.

فالإنس لمّا قدّر أن يكونوا ذوي ذهن وفطنة وعلاج لمثل هذه الصناعات من البناء والتجارة والصياغة وغير ذلك، خلق لهم أكفّ كبار ذوات أصابعَ غلاظٍ؛ ليتمكّنوا من القبض على الأشياء، وأوكدها هذه الصناعات. وآكلاتُ اللحم لمّا قدّر أن يكون معاشها من الصيد، خلقت لهم أكفّ لِطاف مُدْمِجة [2] ذوات بَراثنَ‌ [3] ومخالبَ‌ [4] تصلح لأخذ الصيد، ولا تصلح للصناعات وآكلات النبات؛ لما قدّر أن يكونوا لا ذواتَ صنعة ولا ذواتَ صيد، خلقت لبعضها أظلاف تقيها خشونةَ الأرض إذا حاول طلب الرعي، ولبعضها حوافرُ مُلَمْلَمة [5] ذوات قعر كأخمص القدم، تنطبق على الأرض ليتهيّأ للركوب والحمولة.


[1]. أي لايؤثر فيهم الإغراء والتحريض على جميع الأعمال التي يحتاج إليها الخلق من ذلك العمل الذي يأتي به‌الدوابّ.

[2]. مدمجة، أي مستقيمة محكمة متداخلة. راجع: لسان العرب، ج 2، ص 275 (دمج).

[3]. البراثن- جمع بُرثُن بالضمّ- من السباع والطير بمنزلة الإصبع من الإنسان. لسان العرب، ج 13، ص 50 (برثن).

[4]. المخالب- جمع مِخلب بالكسر- وهو الظفر خصوصاً من السباع. لسان العرب، ج 1، ص 363 (خلب).

[5]. ململمة، أي مجموعة بعضها إلى بعض. راجع: لسان العرب، ج 12، ص 550 (لمم).

نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست