responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 148

أنّه قال: «إذا رأيتم الرجل قد حسن سَمْته وهدؤه، وتماوَتَ في منطقه، وتخاضَعَ في حركاته، فرويداً لا يَغُرَّكم؛ فما أكثر مَن يُعْجِزُه تناولُ الدنيا وركوبُ الحرام منها لضعف نيّته ومهانته وجُبن قلبه، فنَصَبَ الدين فَخّاً لها، فهو لا يزال يَخْتِلُ الناس بظاهره، فإن تَمَكَّنَ من حرام اقْتَحَمَه، وإذا وَجَدتُموه يَعِفُّ عن المال الحرام فرويداً لايَغُرَّكم؛ فإنّ شهواتِ الخلق مختلفةٌ، فما أكثر من يَنْبُو عن الحرام وإن كثر، ويَحْمِلُ نفسَه على أسوئها [1] قبيحةً، فيأتي منها محرّماً، فإذا وَجَدْتُموه يَعِفُّ عن ذلك فرويداً لا يَغُرَّكم حتّى‌ تَنظُروا ما عقدة عقله، فما أكثر من تَرَك ذلك أجمعَ ثمّ لا يرجع إلى عقلٍ متين، فيكون ما يُفْسِدُه بجهله أكثرَ ممّا يُصْلِحُه بعقله، فإذا وَجَدْتُم عقلَه متيناً فرويداً لا يَغُرَّكم حتّى تَنظروا أ مع هواه يكون على‌ عقله، أو يكون مع عقله على‌ هواه، وكيف محبّته للرياسات الباطلة وزهده فيها؛ فإنّ في الناس من خَسِرَ الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى أنّ لذّة الرياسات الباطلة أفضل من لذّة الأموال والنِّعَمِ المباحة المحلّلة، فيَتْرُكُ ذلك أجمعَ طلباً للرياسة، حتّى‌ «إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ» [2] فهو يخبط عَشْواء [3]، يقوده أوّلُ باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يحلّ ما حرّم اللَّه، ويحرّم ما أحلّ اللَّه، لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رياسته التي قد شقي من أجلها، فأُولئك الذين غضب اللَّه عليهم، ولعنهم، وأعدَّ لهم عذاباً مهيناً، ولكنّ الرجلَ كلَّ الرجلِ نِعْمَ الرجلُ هو الذي جَعَلَ هواه تبعاً لأمر اللَّه، وقُواهُ مبذولةً في رضى اللَّه، يرى الذُّلَّ مع الحقّ أقربَ إلى عِزّ الأبد من العزّ في الباطل، ويعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّي إلى دوام النِّعمَ في دارٍ لا تبيد ولا تنفد، وأنّ كثير ما يلحقه من سرّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذابٍ لا انقطاع له ولا يزول؛ فذلكم الرجلُ نِعْمَ الرجل، فبه تَمَسَّكوا، وبسُنّته فاقتدوا إلى ربّكم، فبه فتوسّلوا؛ فإنّه لا تُرَدُّ له دعوةٌ، ولا تُخَيَّبُ له طَلِبَةٌ». [4]


[1]. في المصدر: «شوهاء». والشوهاء: الكريهة المشؤومة. لسان العرب، ج 13، ص 508 (شوه).

[2]. البقرة (2): 206.

[3]. أي يخبط على غير بصيرة. انظر: لسان العرب، ج 15، ص 60 (عشو).

[4]. الاحتجاج، ج 2، ص 320، عن الرضا 7 عن عليّ بن الحسين 8.

نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست