الثانية: ذكر بعض المحقّقين قائلا: إنّ للمولى على عبده حقّين: حقّ الاحترام، و حقّ إيفاء الغرض، و في المعاصي الحقيقة فوت الحقّين جميعا، و في التجرّي فوت حقّ الاحترام، و في الطاعة الحقيقة تحقّق إيفاء الحقّين، و في الانقياد و خطأ الواقع تحقّق حقّ واحد لكنّه معذور على القصور و ليس معذورا مع التقصير.
أقول: إن كان المراد ب: «حقّ المولى» الأعمّ من اللزوم و غيره ليكون المقصود: إنّ من الحقوق غير اللازمة المراعاة: حقّ الاحترام مطلقا و إن لم يكن متعلّقا هذا الاحترام بأمر المولى و نهيه، فلا نضايق عنه، و لا ينفع المستدلّ بقبح أو حرمة التجرّي.
و إن كان المراد بالحقّ المذكور: الحقّ اللازم المراعاة بحيث يكون في تركه استحقاق العقوبة، فلا دليل على اطلاقه من عقل أو نقل، و هو أوّل الكلام، إذ المسلّم هو حقّ الاحترام بالطاعة لا مطلقا، و إلّا لزم إدخال مثل النيّة، و المقدّمات في حقّ الاحترام، و يلتزم بأنّ ناوي المعصية، أو فاعل المقدّمات أيضا خرق احترام المولى، و لا شكّ في خرق حقّ الاحترام، لكنّه ليس من الحقّ اللازم على المعروف، فتأمّل.
التتمّة الثالثة [تابعية التجرى العلم و الاصل]
الثالثة: التجرّي بناء على عدم الحرمة فلا بحث، و أمّا على الحرمة فهو ليس أمارة، و لا أصلا عمليا، و إنّما يتبع المتجرّى فيه في حرمة المثبتات و عدمها.