ثمّ إنّ الشيخ ; تمهيدا لتقسيمه الثلاثي، قال: «اعلم أنّ المكلّف إذا التفت ...» فأشكل عليه بعدّة أمور:
1- ما في الكفاية و غيرها: من أنّ المكلّف إن كان المراد منه:
أ- المكلّف الفعلي: فذكر «التفت» مصادرة و إدخال للمقسم في القسم.
ب- المكلّف الشأني: فهو خلاف ظاهر لفظة: «المكلّف» من فعليته و لزوم تحقّق المادّة في كلّ صيغ الاشتقاق. كالحوض المملوّ، و الذهب المذاب، و زيد المقتول، فكيف أطلق «المكلّف» على من ليس فعلا مكلّفا، إلّا بنحو من العناية.
أقول: الظاهر هو الشأني، و لا يلزم في كلّ الاشتقاقات فعلية المبدأ كالقاضي يطلق على ابن برّاج اليوم.
و ظاهر عرفي المكلّف: البالغ العاقل أعمّ من الملتفت.
و أجاب الفقيه الهمداني ;: بأنّ الالتفات موجب للتنجّز لا للفعلية، نظير عدم التقيّة، فالبالغ العاقل غير الملتفت لا يقال له: غير مكلّف، بل يقال: مكلّف معذور [1].
2- إنّ المكلّف إن أريد به: خصوص المجتهد، فلم لم يقيّد، و إن أريد الأعمّ فالأمارات لا تنفع المقلّد؟
و فيه أوّلا: المراد به المجتهد، و عدم التقييد للوضوح، و هذه قرينة داخلية.
و ثانيا: المراد به الأعمّ، و القطع و الظنّ و الشكّ كلّها نافعة للمقلّد.
[1] فيه أنّه مسامحة، و يؤيّده قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها.