و قالت فاطمة بنت رسول اللّه 6 تبكى أباها و قد اجتمع إليها النساء بعد دفنه:
أغبّر آفاق السماء وكورت* * * شمس النهار و أظلم العصران
و الارض من بعد النبي كئيبة* * * أسفا عليه كثيرة الرجفان
فلتبكه شرق البلاد و غربها* * * و لتبكه مضر و كل يمانى
و ليبكه الطود المعظم جوه* * * و البيت ذو الاستار و الاركان
يا خاتم الرسل المبارك وصفه* * * صلى عليك منزل الفرقان
و قالت صفية بنت عبد المطلب عمة النبيّ 6 ترثيه رضى اللّه عنها:
ألا يا رسول اللّه كنت رجاؤنا* * * و كنت بنا برا و لم تك جافيا
و كنت رحيما هاديا و معلما* * * ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكى النبي لفقده* * * و لكن لما أخشى من الهرج آتيا
أ فاطم صلى اللّه رب محمد* * * على جدث أمسى بيثرب ثاويا
بين يديه يقال هي شاته التي يذبحها و تشاءم به لما في اسمه من الذبح كأنه لما علم بمرضه 6 و أراد المسير من محله الى المدينة نظر فاذا الطالع النجم المذكور فتشاءم به و عرف بذلك موته 6 (اغبر) أى اسود (آفاق) جمع أفق و هي الناحية (و كورت) أظلمت و ذهب ضوءها (شمس النهار) اضافتها إليه لانها لا ترى الا فيه (و اظلم العصران) تثنية عصر و هو ما بين وقت الظهر الى غروب الشمس و انما ثنته لضرورة الشعر أو لان العرب تثنى الواحد في الشعر كقولهم خليلى و ما أشبهه (كئيبة) بالهمز و الموحدة حزينة وزنا و معنى (أسفا) أي حزنا (الرجفان) بفتح الراء و الجيم مصدر رجف يرجف أى كثيرة الزلزلة و الحركة (مضر) بالصرف لضرورة الشعر لانها أرادت مضر المعروف (الطود) بفتح المهملة و سكون الواو و هو الجبل (المعظم) أى العظيم و أرادت به و اللّه أعلم أبا قبيس أو حراء أو ثورا (جوه) أي ارتفاعه في الجو و هو اسم لما بين السماء و الارض (المبارك) بالرفع (منزل الفرقان) أي القرآن الفارق بين الحلال و الحرام و هذا من جملة أسماء القرآن المذكور فيه و جملتها ثلاثة و سبعون اسما كذا قاله بعض القراء منها الكتاب و الفرقان و الوحي و القرآن و التنزيل و الروح و الذكر و الشفاء و الهدى و الموعظة و الرحمة و البيان و التبيان و المهيمن و المبارك و الحبل و العهد و الصراط المستقيم و القيم و الحكم و المبين و البشري و البصائر و البرهان و المصدق و العروة الوثقى (ليبك) بلام الأمر (من الهرج) بفتح الهاء و سكون الراء آخره جيم أى من الفتن و الاختلاط (أ فاطم) بالترخيم و الميم مفتوح على أصله و يجوز ضمه كنظائره (جدث) بالجيم و المهملة و المثلثة أي قبر و الاجداث القبور (ثاويا) بالمثلثة و ألف الاطلاق أي ماكثا