النقصان من هذا الجانب واعتباره كأن لم يكن، أي كأنّ تلك الأجزاء لم تقع على غير صفة الوجوب، لا يبقى وجه لتوجّه التكليف إلى من بلغ في الأثناء قبل الوقوف في المشعر بإكمال حجّه ندباً، بل يكون الحديث المذكور بمثابة الدليل الحاكم على ما دلّ على وجوب إكمال الحج المندوب، ومقتضى ذلك توجّه التكليف إليه بإكمال حجة الإسلام.
فالقول بأن حديث من أدرك المشعر إنما ينظر إلى إلغاء تأثير فقدان بعض الأجزاء، ولا ينظر إلى إلغاء احتمال كون وجوب إكمال الحج المندوب مانعاً عن تعلق وجوب حجة الإسلام بالبالغ في الأثناء، مما لا يمكن المساعدة عليه.
وبذلك يتضح أن الأولى الاقتصار في مناقشة التمسك بحديث من أدرك المشعر فيما نحن فيه على أن وقوع الأجزاء السابقة على غير صفة الوجوب ليس نقصاناً يفي الحديث المذكور بإلغائه، ليترتب على ذلك تعلق التكليف بأداء حجة الإسلام بمن بلغ قبل الوقوف في المشعر، فتدبر.
الوجه الرابع: ما ذكره جمع منهم السيد الحكيم (قدس سره) [1] حيث أفاد بأن (عمومات التشريع الأولية تقتضي الصحة، وليس ما يستوجب الخروج عنها إلا ما تقدم من النصوص الدالة على اعتبار البلوغ في مشروعية حجة الإسلام. لكنها مختصة بصورة ما إذا وقع تمام الحج قبل البلوغ، ولا تشمل صورة ما إذا بلغ في الأثناء، فتبقى الصورة المذكورة داخلة في الإطلاق المقتضي للصحة).
الإيراد الأول: أن ما ذكر من أن عمومات التشريع الأولية تقتضي الصحة مبني على أن تكون حجة الإسلام والحج الصادر من الصبي طبيعة واحدة لا اختلاف بينهما إلا من ناحية الوجوب والاستحباب، أي أنهما يفترقان من حيث الحكم دون المتعلق كما هو الحال في الصلاة، فإن صلاة الظهر الصادرة من الصبي هي بعينها الصادرة من البالغين، ولا فرق إلا من جهة أن الأولى مستحبة