الشرعي الاستحبابي المتوجه إلى الصبي هو نفس الطبيعة التي أمر بها البالغون فكانت حاوية لتمام الملاك المشتمل عليه ما يصدر عنهم، ولا ميزان من ناحية الإلزام وعدمه، كما لا شبهة في أن متعلق الأمر هو صرف الوجود فلا يؤمر الآتي بالإتيان به ثانياً.

إذاً فالتكليف بالصلاة المتوجه نحو البالغين منصرف عمّن أتى بها حال صباه، لسقوط الأمر وحصول الغرض، ومعه لا مجال للامتثال ثانياً.

ومما ذكرنا تعرف الجواب عمّا قيل في المقام من عدم الدليل على إجزاء المأمور به بالأمر الاستحبابي عن الأمر الوجوبي فإن المتعلق ــ كما عرفت ــ ملحوظ على سبيل صرف الوجود والطبيعة واحدة، فتعلق الأمر الجديد بعد حدوث البلوغ يكاد يكون من تحصيل الحاصل كما لا يخفى فلا مناص من الاجتزاء).

أقول: مبنى ما أفاده العلمان (قدس سرهما) في إنكار الإطلاق لدليل وجوب الصلاة بالنسبة إلى من صلى ثم بلغ في أثناء الوقت هو وحدة متعلق الخطابين الوجوبي والاستحبابي وعدم التغاير بينهما أصلاً، أي أن ماهية صلاة الظهر ــ مثلاً ــ التي تعلق بها الخطاب الوجوبي هي بنفسها وبحدودها مما تعلق بها الخطاب الاستحبابي، فإذا أضيف إلى هذا أن المطلوب شرعاً فيما بين الزوال والغروب من ماهية صلاة الظهر إنما هو فرد واحد، أي صرف وجودها فقط، تكون النتيجة عدم انعقاد الإطلاق لدليل الوجوب فيما إذا أتى الصبي بصلاة الظهر حال كونها مستحبة في حقه ثم بلغ قبل انقضاء الوقت.

بل إذا لوحظ أنه مع وحدة المتعلق يكون الملاك واحداً أيضاً ــ أي أن الفرد المستحب يشتمل من الملاك ما يشتمل عليه الفرد الواجب بلا تفاوت أصلاً ــ لم يكن من المعقول إطلاق دليل الوجوب لما بعد البلوغ، لأن المفروض استيفاء الملاك الكامن في صلاة الظهر بالفرد المأتي به قبل البلوغ فكيف يمكن استيفاؤه بفرد آخر بعد البلوغ؟ أفلا يكون الأمر بالإعادة إلا أمراً بالإتيان بما لا ملاك له؟! وهذا غير معقول.