عدم التمكن من المسير أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير استقر عليه الحج وإن لم يكن آثماً بالـتأخير، لأنه كان متمكناً من الخروج مع الأولى).

وهذا ما اختاره السيد الأستاذ (قدس سره) أيضاً في المتن.

إلا أن السيد صاحب العروة استثنى من الحكم بالاستقرار مورداً واحداً فقط، وهو ما إذا تبين للمتأخر في الخروج عدم إدراكه للحج حتى لو كان قد خرج مع القافلة الأولى، قال (قدس سره) : (إلا إذا تبين عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً).

وقد وسّع بعض الأعلام (قدس سره) [1] من المعلّقين على العروة مورد الاستثناء بقوله: (بل لا يحكم بالاستقرار إلا إذا تبيّن إدراكه لو سار معهم) أي أن الحكم بالاستقرار يختص بصورة تبيّن إدراكه للحج لو خرج مع القافلة الأولى، ولا يحكم بالاستقرار في غيرها، سواء تبيّن عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً أو لم يتبيّن شيء.

ولكن ربما يستفاد من عبارة السيد الأستاذ (قدس سره) أنه لا يستثني من الحكم بالاستقرار شيئاً من الموارد، وكأنه مطلق يشمل حتى ما لو تبيّن للمكلف عدم إدراكه للحج وإن سار مع القافلة الأولى.

إلا أن الملاحظ أنه (قدس سره) قد عدل لاحقاً في تعليقته على العروة [2] وفي شرحه لها عن أصل القول بالاستقرار في مفروض المسألة والتزم بأنه لا يستقر الحج في ذمة من تأخر في الخروج إذا كان ممن يجوز له التأخير، وهو بذلك وافق المحقق (قدس سره) الذي نصّ على أنه (يستقر الحج في الذمة إذا استكملت الشرائط وأهمل).

[1] العروة الوثقى ج:4 ص:342 التعليقة:6.

[2] تجدر الإشارة إلى أن السيد الأستاذ (قدس سره) لم يكن قد علّق على كتاب الحج في الطبعات الأُول من تعليقته الشريفة على العروة، بل ذكر فيها أن (من أراد الاطلاع على أنظارنا في أحكام الحج فليراجع رسالتنا الخاصة بها: مناسك الحج) ثم لما وصل إلى شرح كتاب الحج في محاضراته الفقهية علّق عليه وطبعت تعاليقه في الطبعة الرابعة من تعليقته على العروة عام (1400هـ)، وبذلك يعلم أن كل ما ورد في التعليقة مما هو مخالف لما ورد في القسم الأول من المناسك ــ أي قبل فصل تروك الإحرام ــ فهو عدول عنه، وإن لم يتم تغييره في الطبعات اللاحقة للمناسك لغفلة أو نحوها.