فأوحى إليه ــ كما حكاه القرآن الكريم ــ ((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)) [1] فنادى إبراهيم 7 بالحج فهرع الناس من كل وجه يلبّون، ولذلك جُعلت التلبية في الحج كما ورد في صحيح الحلبي [2] .

هكذا كان بداية الأمر بالحج في شريعة إبراهيم (ع) [3] ، واستمر الناس يحجّون إلى البيت الحرام ولم ينقطعوا عنه، وإن نال الحج بعض التحريف ولم يسلم من شرك المشركين، إلى أن بعث الله تعالى محمداً (صلى اللّ?ه عليه و آله وسلم) رسولاً إلى الخلق أجمعين فجاء بالدين الإسلامي الحنيف الذي يُعدّ امتداداً للشريعة الإبراهيمية ومكملاً لما ورد فيها.

وقد أولت الشريعة الإسلامية الحج أهمية قصوى، فقد نصّ الكتاب العزيز على وجوبه بقوله تعالى [4] : ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)) ، واتفقت روايات الفريقين على أنه مما بني عليه الإسلام [5] . ودلت النصوص [6] على أنه يقال لتاركه ــ من غير عذر ــ عند الممات: ((مت يهودياً أو

____________

(1) الحج:27.

(2) الكافي ج:4 ص:335.

(3) هناك العديد من النصوص الدالة على أن آدم (على نبينا وآله و7) قد حجَّ إلى البيت (الكافي ج:4 ص:190، 191، 193، 194، 195) وفي بعض النصوص الأخرى أن زمن الحج يعود إلى ما قبل ذلك التاريخ، فقد ورد في معتبرة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله 7 أنه قال: (( لما أفاض آدم من منى تلقته الملائكة فقالوا: يا آدم بر حجك، أما إنه قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجه بألفي عام)) (الكافي ج:4 ص:194).

وقد ورد نظير هذا عند الجمهور. (راجع تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام لابن الضياء ص:6).

(4) آل عمران:97.

(5) راجع الكافي ج:2 ص:18، 21، ج:4 ص:62، ومن لا يحضره الفقيه ج:2 ص:44، وتهذيب الأحكام ج:4 ص:151، وصحيح البخاري ج:1 ص:8، ج:5 ص:157، وصحيح مسلم ج:1 ص:34، وسنن الترمذي ج:4 ص:119 وغيرها من المصادر.

(6) راجع الكافي ج:4 ص:269، ومن لا يحضره الفقيه ج:2 ص:273، وتهذيب الأحكام ج:5

ص:462، وثواب الأعمال وعقاب الأعمال ص:281، ودعائم الإسلام ج:1 ص:288، ومستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ج:8 ص:18.