نام کتاب : الاجتهاد و التقليد و سلطات الفقيه و صلاحياته نویسنده : الشيخ محمد مهدي الآصفي جلد : 1 صفحه : 75
كما كان من أهل الحديث متطرّفون لا يقبلون غير الكتاب و الحديث في الحكم و الفتوى، و يعرضون عن كل شيء غير الكتاب و الحديث. و هؤلاء يلتقون في الغالب مع الأشاعرة في إنكار العقل و الإعراض عن العقل و رفض حجّية العقل و القطع.
و قد قامت مدرسة الحديث في قبال مدرسة الرأي، كردّ فعل لما حصل لهذه المدرسة من تطرف في الأخذ بالرأي، و الإعراض عن الحديث.
و لا نستطيع أن نضع حدودا دقيقة لهذه المدرسة في قبال مدرسة الرأي و نصنّف المدارس الفقهيّة القائمة في وقته على أساس من هذه الحدود إلى طائفتين، و لكن من المؤكد أن مدرستي داود و أبي حنيفة تقعان على طرفي هذا النزاع، فقد نزع داود نزوعا بيّنا إلى الحديث، و أخذ نصوصه على ظاهرها و نزع أبو حنيفة نزوعا بيّنا إلى الرأي، حتى نقل عنه خصومه و مناوءوه فيما ينقل عنه: لو كان رسول اللّه حيا لأخذ عني أشياء كثيرة [1].
و ما بين هاتين المدرستين تقع سائر المدارس متوسطة بينهما كمذهب مالك و الشافعي و أحمد بن حنبل، إلّا أنّها على كلّ حال يغلب عليها طابع إحدى المدرستين من النزوع للرأي أو النزوع للحديث.
3- مدرسة الشيعة الإمامية في الاجتهاد
قامت مدرستا الرأي و الحديث على طرفين متقابلين، يدعو أنصار كل مدرسة منهما إلى اتجاه يغاير الاتجاه الآخر، و لا يلتقي به إلّا في قليل.