و يليه فيهي هدى بإثبات الياء و هي قراءة ابن كثير، و يجوز فيهو هدى بالواو و يجوز فِيهِ هُدىً مدغما و الأصل «فيهو هدى» الاسم الهاء و زيدت الواو عند الخليل لأن الهاء خفيّة فقويت بحرف جلد متباعد منها و تبدل منها ياء لأن قبلها ياء أو يحذف لاجتماع الواو و الياء عند سيبويه [1] ، و لاجتماع الساكنين عند أبي العباس، و كذا الياء، و يدغم لاجتماع هاءين و ليس بجيد، لأنّ حروف الحلق ليست أصلا بالإدغام و يجتمع ساكنان، و قال سيبويه:
إنّما زيدت الواو كما زيدت الألف في المؤنث. و في «هدى» ستة أوجه: تكون في موضع رفع خبرا عن ذلك، و على إضمار مبتدأ و على أن تكون خبرا بعد خبر، و على أن تكون رفعا بالابتداء. قال أبو إسحاق: يكون المعنى فيه هدى و لا ريب. فهذه أربعة أوجه. في الرفع، و يكون على وجه خامس و هو أن يكون، على موضع لا ريب فيه أي حق هدى، و يكون نصبا على الحال من ذلك و الكوفيون يقولون: قطع [2] ، و يكون حالا من الكتاب و تكون حالا من الهاء، قال الفرّاء: بعض بني أسد يؤنّث الهدى فيقول: هذه هدى حسنة، و لم يعرب لأنه مقصور و الألف لا يحرّك. ثم قال جلّ و عزّ لِلْمُتَّقِينَ مخفوض باللاّم الزائدة، و لغة أهل الحجاز: فلان موتق. و هذا هو الأصل و التّقيّة أصلها الوقيّة من وقيت أبدلت من الواو تاء لأنها أقرب الزوائد إليها و قد فعلوا ذلك من غير أن يكون ثمّ تاء، كما حدّثنا عليّ بن سليمان عن محمد بن يزيد عن المازني قال: سألت الأصمعي عن قول الشاعر: [الرجز] 4-
و قلت له: قال الخليل: هو فيعول من الوقار فأبدل من الواو تاء فقال: هذا قول الأشياخ و الأصل للمتّقين بياءين مخفّفتين و حذفت الكسرة من الياء الأولى لثقلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، ثم قال جلّ و عزّ:
اَلَّذِينَ : في موضع خفض نعت للمتقين و يجوز أن يكون نصب بمعنى أعني، و رفعا من جهتين بالابتداء، و الخبر أُولََئِكَ عَلىََ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ و على إضمار «هم» .
يُؤْمِنُونَ بالهمز لأن أصل آمن: أأمن كره الجمع بين همزتين فأبدلت من الثانية ألف
[3] الشاهد من أرجوزة للعجاج في ديوانه 1/340، و لسان العرب (هير) ، و شرح أبيات سيبويه 2/423، و الكتاب 4/332، و التنبيه و الإيضاح 2/229، و تهذيب اللغة 9/281، و كتاب المعين 5/207، و بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب 1/146، و شرح المفصل 10/38، و المنصف 1/227، و المخصص 3/ 18، 7؛ 182.