نام کتاب : إحياء الأراضي الموات نویسنده : محمود المظفر جلد : 1 صفحه : 199
المدلولات الاصطلاحية تعود الى الصدر الأول:
و من كل هذا نجد أن التمييز بين الجزية و الخراج و استقرار كل منهما على مدلوله الاصطلاحي الخاص قد عرف منذ وقت مبكر، و لا صحة للمزاعم التي أسندت هذا التمييز الى وقت متأخر هو سنة 106- 107 ه في رأي بكر [1] عند ما قام ابن الحبحاب بإحصاء السكان في مصر، أو هو سنة 121 في رأي يوليوس فلهاوزن [2] عند ما أصدر نصر بن سيار و الى خراسان يومذاك قراره بإلزام الرعية في أداء ضريبة خاصة على الأرض- و هي الخراج- و أخرى على الأشخاص- و هي الجزية-، أو هو منتصف القرن الثاني على وجه التقريب في رأي جروهمان [3].
إن هذه المزاعم و نحوها غير صحيحة كما قلنا، و ذلك بسبب ما واجهناه هناك من الوثائق و النصوص و الآراء الفقهية، مضافا إلى عدم وجود أية شواهد مادية كالبردى و نحوه، توضح لنا السبيل في هذا المضمار.
ثبوت الخراج بالنص لا بالاجتهاد:
جاء النص في القرآن الكريم بالنسبة إلى (الجزية) كضريبة على رقاب أهل الذمة صريحا في قوله تعالى قٰاتِلُوا الَّذِينَ لٰا يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ لٰا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ
و كذلك اعتبر الدكتور عبد العزيز الدوري (مجلة المجمع العلمي العراقي: مجلد 11 ص 82) أن قرار نصر بن سيار المذكور كان أول استعمال للخراج بمعناه الخاص و هو ضريبة الأرض في منطقة خراسان، أما قبل ذلك فكان الخراج يدل على الجزية المشتركة أو الوظيفة التي هي دفع مقدار محدود من الضريبة كإتاوة توزع على الرؤوس.
و قد يكون هذا الرأي صحيحا بالنسبة إلى منطقة خراسان خاصة، و لكنه لا يصلح للانسحاب على باقي المناطق و لاعتباره أساسا عاما في هذا المجال.