المتلهى، و سيستغرق ذلك وقتى كله فما بقى على السفر إلا شهر أو نحوه و سيصرفنى عن السعى و كسب الرزق بعرق الجبين، فإنى أعمل لأطعم و على قدر العمل يكون الرزق و ليس من العمل أن يجىء المعرى بعد أن شبع موتا و فناء و استراح- و إن كان لم يرح- فيشق الأرض و يخرج لى منها ليقطع رزقى و رزق عيالى.
و استخرت الله و توكلت عليه و قلت لابد مما ليس منه بد فما كان ثم سبيل إلى الاعتذار مخافة أن يحمل على غير محمله أو يؤول بالعجز و القصور و إنى لعاجز و لكنه لم يبلغ من عجزى أن يعيينى أن أكتب كلمة فى هذا المعرى تقبل على التسامح.
و صارت المسألة هى" ماذا أكتب؟ و أى موضوع أتناول؟" و كنت أعلم أن أعلام الأدب فى البلدان العربية مدعوون إلى هذا المهرجان و كنت على يقين حازم أنهم لن يدعوا لى سم خياط أنفذ منه و قد دعيت من مصر وحدها جمهرة من أعيان البيان و أمراء النثر و الشعر، و أساطين البحث العلمى (أوف) و أساتذة الفلسفة و التاريخ (يا حفيظ) مثل العقاد 2 و طه حسين 3 و أحمد أمين 4 و عبد الوهاب عزام 5 و عبد الحميد العبادى 6 و أحمد الشايب 7 و ماذا يصنع صعلوك مثلى بين كل هؤلاء الملوك؟ ألا حيلة لى أردهم بها عن هذا المهرجان فيخلوا لى الميدان؟
و أصبحت يوما على أحب وجه لى و إذا بالتليفون يدق و العقاد يطلبنى و ينبئنى أنه ينوى الاعتذار و أنه مشغول بما يؤلف فلا وقت عنده للسفر فقلت لنفسى" يا فرج الله يا ما أكرمك يا رب" هذا و أحد بألف قد آثر القعود فخلت لى رقعة فسيحة يسعنى فيها- و القليل يكفينى- أن أجول و أصول و أصيح هل من منازل؟ هل من