نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 8 صفحه : 250
و تباشروا، فانى لكم بكل ما تأملون و تحبون كفيل. فالتف عليه خلق كثير من الشيعة، و لكن الجمهور منهم مع سليمان بن صرد، فلما خرجوا مع سليمان إلى النخيلة قال عمر بن سعد بن أبى وقاص و شبث بن ربعي و غيرهما لعبد اللَّه بن زياد نائب الكوفة: إن المختار بن أبى عبيد أشد عليكم من سليمان بن صرد، فبعث إليه الشرط فأحاطوا بداره فأخذ فذهب به إلى السجن مقيدا، و قيل بغير قيد، فأقام به مدة و مرض فيه. قال أبو مخنف: فحدثني يحيى بن أبى عيسى أنه قال: دخلت إليه مع حميد بن مسلم الأزدي نعوده و نتعاهده. فسمعته يقول: أما و رب البحار، و النخيل و الأشجار، و المهامة و القفار، و الملائكة الأبرار، و المصلين الأخيار، لأقتلن كل جبار، بكل لدن جثّار خطار، و مهند بتار، بجند من الأخيار، و جموع من الأنصار، ليسوا بميل الأغمار، و لا بعزّل أشرار، حتى إذا أقمت عمود الدين، و جبرت صدع المسلمين، و شفيت غليل صدور المؤمنين، و أدركت ثأر أولاد النبيين، لم أبك على زوال الدنيا، و لم أحفل بالموت إذا دنا. قال: و كان كلما أتيناه و هو في السجن يردد علينا هذا القول حتى خرج.
ذكر هدم الكعبة و بنائها في أيام ابن الزبير
قال ابن جرير: و في هذه السنة هدم ابن الزبير الكعبة، و ذلك لأنه مال جدارها من رمى المنجنيق فهدم الجدار حتى وصل إلى أساس إبراهيم، و كان الناس يطوفون و يصلون من وراء ذلك، و جعل الحجر الأسود في تابوت في سرق من حرير، و ادخر ما كان في الكعبة من حلى و ثياب و طيب، عند الخزان حتى أعاد ابن الزبير بناءها على ما كان رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يريد أن يبنيها عليه من الشكل، و ذلك كما ثبت في الصحيحين و غيرهما من المسانيد و السنن،
من طرق عن عائشة أم المؤمنين أن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) قال: «لو لا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة و لأدخلت فيها الحجر، فان قومك قصرت بهم النفقة، و لجعلت لها بابا شرقيا و بابا غربيا، يدخل الناس من أحدهما و يخرجون من الآخر، و لألصقت بابها بالأرض فان قومك رفعوا بابها ليدخلوا من شاءوا و يمنعوا من شاءوا».
فبناها ابن الزبير على ذلك كما أخبرته به خالته عائشة أم المؤمنين عن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، فجزاه اللَّه خيرا.
ثم لما غلبه الحجاج بن يوسف في سنة ثلاث و سبعين كما سيأتي، هدم الحائط الشمالي و أخرج الحجر كما كان أولا، و أدخل الحجارة التي هدمها في جوف الكعبة فرصها فيه، فارتفع الباب و سد الغربي، و تلك آثاره إلى الآن، و ذلك بأمر عبد الملك بن مروان في ذلك، و لم يكن بلغه الحديث، فلما بلغه الحديث قال: وددنا أنا تركناه و ما تولى من ذلك. و قد هم ابن المنصور المهدي أن يعيدها على ما بناها ابن الزبير، و استشار الامام مالك بن أنس في ذلك، فقال: إني أكره أن يتخذها الملوك لعبة،- يعنى يتلاعبون في بنائها بحسب آرائهم- فهذا يرى رأى ابن الزبير، و هذا يرى رأى
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 8 صفحه : 250