responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 6  صفحه : 183

الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى‌ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً الآية، و هكذا وقع سواء بسواء، مكن اللَّه هذا الدين و أظهره، و أعلاه و نشره في سائر الآفاق، و أنفذه و أمضاه، و قد فسر كثير من السلف هذه الآية بخلافة الصديق، و لا شك في دخوله فيها، و لكن لا تختص به، بل تعمه كما تعم غيره،

كما ثبت في الصحيح‌ «إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، و إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، و الّذي نفسي بيده لننفقنّ كنوزهما في سبيل اللَّه»،

و قد كان ذلك في زمن الخلفاء الثلاثة أبى بكر و عمر و عثمان رضى اللَّه عنهم و أرضاهم، و قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‌ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ‌ و هكذا وقع و عم هذا الدين، و غلب و علا على سائر الأديان، في مشارق الأرض و مغاربها، و علت كلمته في زمن الصحابة و من بعدهم، و ذلت لهم سائر البلاد، و دان لهم جميع أهلها، على اختلاف أصنافهم، و صار الناس إما مؤمن داخل في الدين، و إما مهادن باذل الطاعة و المال، و إما محارب خائف و جل من سطوة الإسلام و أهله* و قد ثبت في الحديث: إن اللَّه زوى لي مشارق الأرض و مغاربها، و سيبلغ ملك أمتى ما زوى لي منها. و قال تعالى: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى‌ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ‌ الآية، و سواء كان هؤلاء هوازن أو أصحاب مسيلمة، أو الروم، فقد وقع ذلك، و قال تعالى‌ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَ لِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَ يَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً* وَ أُخْرى‌ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَ كانَ اللَّهُ عَلى‌ كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيراً و سواء كانت هذه الأخرى خيبر أو مكة فقد فتحت و أخذت كما وقع به الوعد سواء بسواء، و قال تعالى‌ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً فكان هذا الوعد في سنة الحديبيّة عام ست، و وقع إنجازه في سنة سبع عام عمرة القضاء كما تقدم.

و ذكرنا هناك الحديث بطوله،

و فيه أن عمر قال: يا رسول اللَّه أ لم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت و نطوف به؟ قال: بلى، أ فأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟ قال: لا، قال فإنك تأتيه و تطوف به.

و قال تعالى:

وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ‌ و هذا الوعد كان في وقعة بدر لما خرج رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) من المدينة ليأخذ عير قريش، فبلغ قريشا خروجه إلى عيرهم، فنفروا في قريب من ألف مقاتل، فلما تحقق رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) و أصحابه قدومهم وعده اللَّه إحدى الطائفتين أن سيظفره بها، إما العير و إما النفير، فود كثير من الصحابة- ممن كان معه- أن يكون الوعد للعير، لما فيه من الأموال و قلة الرجال، و كرهوا لقاء النفير لما فيه من العدد و العدد، فخار اللَّه لهم و أنجز لهم وعده في النفير فأوقع بهم بأسه الّذي لا يرد، فقتل من سراتهم سبعون و أسر سبعون‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 6  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست