responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 94

عروة عن عائشة حين ضاقت عليه مكة و أصابه فيها الأذى و رأى من تظاهر قريش على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و أصحابه ما رأى، استأذن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) في الهجرة فاذن له، فخرج أبو بكر رضى اللَّه عنه مهاجرا حتى إذا سار من مكة يوما- أو يومين- لقيه ابن الدغنة أخو بنى الحارث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة و هو يومئذ سيد الأحابيش. قال الواقدي: اسمه الحارث بن يزيد أحد بنى بكر من عبد مناة بن كنانة. و قال السهيليّ: اسمه مالك. فقال: إلى أين يا أبا بكر؟ قال أخرجني قومي و آذوني و ضيقوا على. قال و لم؟ فو اللَّه إنك لتزين العشيرة، و تعين على النوائب، و تفعل المعروف و تكسب المعدوم. أرجع فإنك في جواري. فرجع معه حتى إذا دخل مكة قام معه ابن الدغنة فقال:

يا معشر قريش إني قد أجرت ابن أبى قحافة فلا يعرض له أحد إلا بخير. قال: فكفوا عنه.

قالت: و كان لأبي بكر مسجد عند باب داره في بنى جمح فكان يصلى فيه، و كان رجلا رقيقا إذا قرأ القرآن استبكى قالت فيقف عليه الصبيان و العبيد و النساء يعجبون لما يرون من هيئته، قال فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة. فقالوا: يا ابن الدغنة إنك لم تجر هذا الرجل ليؤذينا، إنه رجل إذا صلّى و قرأ ما جاء به محمد يرق و كانت له هيئة و نحن نتخوف على صبياننا و نسائنا و ضعفائنا أن يفتنهم، فاته فمره بان يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء. قالت: فمشى ابن الدغنة اليه فقال: يا أبا بكر إني لم أجرك لتؤذى قومك. و قد كرهوا مكانك الّذي أنت به و تأذوا بذلك منك، فادخل بيتك فاصنع فيه ما أحببت. قال: أو أرد عليك جوارك و أرضى بجوار اللَّه. قال فاردد على جواري. قال:

قد رددته عليك. قال فقام ابن الدغنة فقال يا معشر قريش إن ابن أبى قحافة قد رد على جواري فشأنكم بصاحبكم. و قد روى الامام البخاري هذا الحديث متفردا به و فيه زيادة حسنة. فقال حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل قال ابن هشام فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي (صلّى اللَّه عليه و سلّم). قالت: لم أعقل أبواي قط إلا و هما يدينان الدين، و لم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) طرفي النهار بكرة و عشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد، لقيه ابن الدغنة و هو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر:

أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض فاعبد ربى. فقال ابن الدغنة فان مثلك يا أبا بكر لا يخرج و لا يخرج مثله، إنك تكسب المعدوم، و تصل الرحم، و تحمل الكل، و تقرى الضيف، و تعين على نوائب الحق. و أنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلدك. فرجع و ارتحل معه ابن الدغنة، و طاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله و لا يخرج، أ تخرجون رجلا يكسب المعدوم، و يصل الرحم، و يحمل الكل، و يقرى الضيف، و يعين على نوائب الحق؟ فلم يكذب قريش بجوار ابن الدغنة و قالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره و يصل فيها و ليقرأ

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست