responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 53

أمره ما بدا لكم. فاقبل النضر و عقبة حتى قدما على قريش فقالا: يا معشر قريش قد جئنا كم بفصل ما بينكم و بين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور فأخبراهم بها، فجاءوا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فقالوا: يا محمد أخبرنا فسألوه عما أمروهم به. فقال لهم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم): «أخبركم غدا بما سألتم عنه» و لم يستثن. فانصرفوا عنه و مكث رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) خمس عشرة ليلة لا يحدث له في ذلك و حيا، و لا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة و قالوا: وعدنا محمد غدا و اليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشي‌ء مما سألناه عنه، و حتى أحزن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) مكث الوحي عنه و شق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل (عليه السلام) من اللَّه عز و جل بسورة الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم [و خبر] ما سألوه عنه من أمر الفتية و الرجل الطواف، و قال اللَّه تعالى‌ وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.

و قد تكلمنا على ذلك كله في التفسير مطولا فمن أراده فعليه بكشفه من هناك. و نزل قوله‌ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ثم شرع في تفصيل أمرهم و اعترض في الوسط بتعليمه الاستثناء تحقيقا لا تعليقا في قوله‌ (وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ‌ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) ثم ذكر قصة موسى لتعلقها بقصة الخضر، ثم ذي القرنين ثم قال‌ وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ثم شرح أمره و حكى خبره. و قال في سورة سبحان‌ وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي‌ أي خلق عجيب من خلقه، و أمر من أمره، قال لها كوني فكانت. و ليس لكم الاطلاع على كل ما خلقه، و تصوير حقيقته في نفس الأمر يصعب عليكم بالنسبة إلى قدرة اللَّه تعالى و حكمته، و لهذا قال‌ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا و قد ثبت في الصحيحين أن اليهود سألوا عن ذلك رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) بالمدينة، فتلا عليهم هذه الآية- فاما أنها نزلت مرة ثانية أو ذكرها جوابا- و إن كان نزولها متقدما و من قال إنها إنما نزلت بالمدينة و استثناها من سورة سبحان ففي قوله نظر، و اللَّه أعلم.

قال ابن إسحاق: و لما خشي أبو طالب دهم العرب أن يركبوه مع قومه قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم مكة و بمكانه منها، و تودد فيها أشراف قومه و هو على ذلك يخبرهم و غيرهم في شعره أنه غير مسلم لرسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم)، و لا تاركه لشي‌ء أبدا حتى يهلك دونه. فقال:

و لما رأيت القوم لاود فيهم‌* * * و قد قطعوا كل العرى و الوسائل‌

و قد صارحونا بالعداوة و الأذى‌* * * و قد طاوعوا أمر العدو المزايل‌

و قد حالفوا قوما علينا أظنه‌* * * يعضون غيظا خلفنا بالأنامل‌

صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة* * * و أبيض عضب من تراث المقاول‌

و أحضرت عند البيت رهطي و إخوتي‌* * * و أمسكت من أثوابه بالوصائل‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست