فكم قد قتلنا من كريم مسودا* * * له حسب في قومه نابه الذكر
تركنا هموا للعاويات ينبنهم [1]* * * و يصلون نارا بعد حامية القعر
لعمرك ما حامت فوارس مالك* * * و أشياعهم يوم التقينا على بدر
و قال عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في يوم بدر في قطع رجله في مبارزته هو و حمزة و على مع عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة و أنكرها ابن هشام:
ستبلغ عنا أهل مكة وقعة* * * يهب لها من كان عن ذاك نائيا
بعتبة إذ ولى و شيبة بعده* * * و ما كان فيها بكر عتبة راضيا
فان تقطعوا رجلي فإنّي مسلم* * * أرجى بها عيشا من اللَّه دانيا
مع الحور أمثال التماثيل أخلصت* * * من الجنة العليا لمن كان عاليا
و بعث بها عيشا تعرفت صفوه* * * و عاجلته حتى فقدت الأدانيا
فأكرمني الرحمن من فضل منّه* * * بثوب من الإسلام غطى المساويا
و ما كان مكروها إليّ قتالهم* * * غداة دعا الأكفاء من كان داعيا
و لم يبغ إذ سألوا النبي سواءنا* * * ثلاثتنا حتى حضرنا المناديا
لقيناهم كالأسد تخطر بالقنا* * * نقاتل في الرحمن من كان عاصيا
فما برحت أقدامنا من مقامنا* * * ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا
[2] و قال ابن إسحاق: و قال حسان بن ثابت أيضا يذم الحارث بن هشام على فراره يوم بدر و تركه قومه لا يقاتل دونهم:
تبلت فؤادك في المنام خريدة* * * تشفى الضجيع ببارد بسّام
كالمسك تخلطه بماء سحابة* * * أو عاتق كدم الذبيح مدام
نفج الحقيبة بوصها متنضد* * * بلهاء غير وشيكة الأقسام
بنيت على قطن أجم كأنه* * * فضلا إذا قعدت مداك رخام
و تكاد تكسل أن تجيء فراشها* * * في جسم خرعبة و حسن قوام
أما النهار فلا أفتر أذكرها* * * و الليل توزعني بها أحلامى
أقسمت أنساها و أترك ذكرها* * * حتى تغيّب في الضريح عظامي
بل من لعاذلة تلوم سفاهة* * * و لقد عصيت على الهوى لوامى
[1] ينبنهم معناه يأتونهم مرة بعد مرة. و في رواية ينشنهم أي يتناولنهم.
[2] قال الخشنيّ في غريب السيرة: المنائيا، أراد المنايا فزاد الهمزة و قد تكون منقلبة من الياء الزائدة في منية.