نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 245
جهل بن هشام بذلك الساحل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهنيّ و كان موادعا للفريقين جميعا، فانصرف بعض القوم عن بعض و لم يكن بينهم قتال.
قال ابن إسحاق: و بعض الناس يقول كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) لأحد من المسلمين، و ذلك أن بعثه و بعث عبيدة كانا معا فشبه ذلك على الناس.
قلت: و قد حكى موسى بن عقبة عن الزهري أن بعث حمزة قبل عبيدة بن الحارث، و نص على أن بعث حمزة كان قبل غزوة الأبواء، فلما قفل (عليه السلام) من الأبواء بعث عبيدة بن الحارث في ستين من المهاجرين، و ذكر نحو ما تقدم. و قد تقدم عن الواقدي أنه قال: كانت سرية حمزة في رمضان من السنة الاولى، و بعدها سرية عبيدة في شوال منها و اللَّه أعلم. و قد أورد ابن إسحاق عن حمزة رضى اللَّه عنه شعرا يدل على أن رأيته أول راية عقدت في الإسلام، لكن قال ابن إسحاق:
فان كان حمزة قال ذلك فهو كما قال، لم يكن يقول إلا حقا، و اللَّه أعلم أي ذلك كان. فاما ما سمعنا من أهل العلم عندنا فعبيدة أول، و القصيدة هي قوله:
ألا يا لقومي للتحلم و الجهل* * * و للنقض من رأى الرجال و للعقل
و للراكبينا بالمظالم لم نطأ* * * لهم حرمات من سوام و لا أهل
كأنا بتلناهم و لا بتل [1] عندنا* * * لهم غير أمر بالعفاف و بالعدل
و أمر بإسلام فلا يقبلونه* * * و ينزل منهم مثل منزلة الهزل
فما برحوا حتى انتدبت لغارة* * * لهم حيث حلوا أبتغي راحة الفضل
بأمر رسول اللَّه أول خافق* * * عليه لواء لم يكن لاح من قبل
لواء لديه النصر من ذي كرامة* * * إله عزيز فعله أفضل الفعل
عشية ساروا حاشدين و كلنا* * * مراجله من غيظ أصحابه تغلي
فلما تراءينا أناخوا فعقّلوا* * * مطايا و عقّلنا مدى غرض النبل
و قلنا لهم حبل الآله نصيرنا* * * و ما لكم إلا الضلالة من حبل
فثار أبو جهل هنالك باغيا* * * فخاب ورد اللَّه كيد أبى جهل
و ما نحن إلا في ثلاثين راكبا* * * و هم مائتان بعد واحدة فضل
فيال لؤيّ لا تطيعوا غواتكم* * * و فيئوا إلى الإسلام و المنهج السهل
فانى أخاف أن يصب عليكم* * * عذاب فتدعوا بالندامة و الثكل
[1] كذا في المصرية، و معنى البتل القطع، و في الحلبية و ابن هشام: نبلناهم بالنون و معناها رميناهم بالنبل، و لكن الخشنيّ ذكرها في شرحه تبلناهم و قال معناه عاديناهم، و التبل العداوة و طلب الثأر.
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 245