نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 215
متقلدي سيوفهم، قال و كأنى انظر إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) على راحلته و أبو بكر ردفه، و ملأ بنى النجار حوله حتى ألقى بفناء أبى أيوب، قال فكان يصلى حيث أدركته الصلاة، و يصلى في مرابض الغنم، قال ثم إنه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ بنى النجار فجاءوا فقال «يا بنى النجار ثامنونى بحائطكم هذا» فقالوا لا و اللَّه لا نطلب ثمنه إلا إلى اللَّه عز و جل، قال فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، و كانت فيه خرب، و كان فيه نخل، فامر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) بقبور المشركين فنبشت، و بالخرب فسويت، و بالنخل فقطع. قال فصفوا النخل قبلة المسجد، و جعلوا عضادتيه حجارة، قال فجعلوا ينقلون ذلك الصخر و هم يرتجزون، و رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) معهم يقول [1] «اللَّهمّ إنه لا خير إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار و المهاجرة» و قد رواه البخاري في مواضع أخر و مسلم من حديث أبى عبد الصمد و عبد الوارث بن سعيد.
و قد تقدم في صحيح البخاري عن الزهري عن عروة أن المسجد الّذي كان مربدا- و هو بيدر التمر- ليتيمين كانا في حجر أسعد بن زرارة و هما سهل و سهيل، فساومهما فيه رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فقالا: بل تهبه لك يا رسول اللَّه فأبى حتى ابتاعه منهما و بناه مسجدا. قال و جعل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) يقول و هو ينقل معهم التراب:
هذا الحمال لاحمال خيبر* * * هذا أبر ربنا و أطهر
و يقول:
لا هم إن الأجر أجر الآخرة* * * فارحم الأنصار و المهاجرة
و ذكر موسى بن عقبة أن أسعد بن زرارة عوضهما منه نخلا له في بياضة، قال و قيل ابتاعه منهما رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم).
قلت: و ذكر محمد بن إسحاق أن المربد كان لغلامين يتيمين في حجر معاذ بن عفراء و هما سهل و سهيل ابنا عمرو فاللَّه أعلم.
و روى البيهقي من طريق أبى بكر بن أبى الدنيا حدثنا الحسن بن حماد الضبيّ ثنا عبد الرحيم ابن سليمان عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن. قال: لما بنى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) المسجد أعانه عليه أصحابه و هو معهم يتناول اللبن حتى اغبر صدره، فقال «ابنوه عريشا كعريش موسى» فقلت للحسن:
ما عريش موسى؟ قال إذا رفع يديه بلغ العريش- يعين السقف- و هذا مرسل.
و روى من حديث حماد بن سلمة عن أبى سنان عن يعلى بن شداد بن أوس عن عبادة أن الأنصار جمعوا مالا فأتوا به النبي (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فقالوا: يا رسول اللَّه ابن هذا المسجد و زينه، إلى متى نصلي تحت هذا الجريد؟ فقال:
«ما بى رغبة عن أخى موسى، عريش كعريش موسى» و هذا حديث غريب من هذا الوجه.
و قال
[1] و في البخاري و رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) معهم يقولون إلخ.
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 215