نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 207
عمر: حسن فارخوا، فقالوا من أي السنين نبدأ؟ فقالوا من مبعثه، و قالوا من وفاته، ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا و أي الشهور نبدأ؟ قالوا رمضان، ثم قالوا المحرم فهو مصرف الناس من حجهم و هو شهر حرام فاجتمعوا على المحرم.
و قال ابن جرير: حدثنا قتيبة ثنا نوح بن قيس الطائي عن عثمان بن محصن أن ابن عباس كان يقول في قوله تعالى وَ الْفَجْرِ وَ لَيالٍ عَشْرٍ هو المحرم فجر السنة. و روى عن عبيد بن عمير. قال: إن المحرم شهر اللَّه و هو رأس السنة يكسى البيت، و يؤرخ به الناس، و يضرب فيه الورق.
و قال احمد: حدثنا روح بن عبادة ثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار قال: إن أول من ورخ الكتب يعلى بن أمية باليمن، و أن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) قدم المدينة في ربيع الأول و أن الناس أرخوا لأول السنة.
و روى محمد بن إسحاق عن الزهري و عن محمد بن صالح عن الشعبي أنهما قالا: أرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم، ثم أرخوا من بنيان إبراهيم و إسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤيّ، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة و ذلك سنة سبع عشرة- أو ثماني عشرة- و قد ذكرنا هذا الفصل محررا بأسانيده و طرقه في السيرة العمرية و للَّه الحمد، و المقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، و جعلوا أولها من المحرم فيما اشتهر عنهم و هذا هو قول جمهور الأئمة.
و حكى السهيليّ و غيره عن الامام مالك أنه قال: أول السنة الإسلامية ربيع الأول لأنه الشهر الّذي هاجر فيه رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم).
[و قد استدل السهيليّ على ذلك في موضع آخر بقوله تعالى لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أي من أول يوم حلول النبي (صلّى اللَّه عليه و سلّم) المدينة، و هو أول يوم من التاريخ كما اتفق الصحابة على أول سنى التاريخ عام الهجرة] [1] و لا شك أن هذا الّذي قاله الامام مالك (رحمه اللَّه) مناسب، و لكن العمل على خلافه، و ذلك لان أول شهور العرب المحرم فجعلوا السنة الاولى سنة. الهجرة، و جعلوا أولها المحرم كما هو المعروف لئلا يختلط النظام و اللَّه أعلم.
فنقول و باللَّه المستعان: استهلت سنة الهجرة المباركة و رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) مقيم بمكة، و قد بايع الأنصار بيعة العقبة الثانية كما قدمنا في أوسط أيام التشريق و هي ليلة الثاني عشر من ذي الحجة قبل سنة الهجرة، ثم رجع الأنصار و أذن رسول (صلّى اللَّه عليه و سلّم) للمسلمين في الهجرة إلى المدينة فهاجر من هاجر من أصحابه الى المدينة حتى لم يبق بمكة من يمكنه الخروج إلا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم)، و حبس أبو بكر