responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 17

بعد فترة الوحي لا مطلقا، ذاك قوله‌ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ‌ و قد ثبت عن جابر أن أول ما نزل‌ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ و اللائق حمل كلامه ما أمكن على ما قلناه فان في سياق كلامه ما يدل على تقدم مجي‌ء الملك الّذي عرفه ثانيا بما عرفه به أولا اليه. ثم قوله: يحدث عن فترة الوحي دليل على تقدم الوحي على هذا الإيحاء و اللَّه أعلم. و قد ثبت في الصحيحين من حديث على بن المبارك و عند مسلم و الأوزاعي كلاهما عن يحيى بن أبى كثير قال سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن أي القرآن أنزل قبل.

فقال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فقلت و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‌ فقال سألت جابر بن عبد اللَّه أي القرآن أنزل قبل فقال‌ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فقلت و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‌ فقال قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم): «إني جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت بين يدي و خلفي و عن يميني و عن شمالي فلم أر شيئا ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على العرش في الهواء فأخذتني رعدة- أو قال وحشة- فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني فانزل اللَّه: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ حتى بلغ‌ وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ- و قال في رواية- فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء و الأرض فجثيت منه» و هذا صريح في تقدم إتيانه اليه و انزاله الوحي من اللَّه عليه كما ذكرناه و اللَّه أعلم. و منهم زعم أن أول ما نزل بعد فترة الوحي سورة وَ الضُّحى‌ وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى‌ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‌ إلى آخرها. قاله محمد بن إسحاق. و قال بعض القراء: و لهذا كبر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) في أولها فرحا و هو قول بعيد يرده ما تقدم من رواية صاحبي الصحيح من أن أول القرآن نزولا بعد فترة الوحي: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ و لكن نزلت سورة و الضحى بعد فترة أخرى كانت ليالي يسيرة كما ثبت في الصحيحين و غيرهما من حديث الأسود بن قيس عن جندب بن عبد اللَّه البجلي قال: اشتكى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فلم يقم ليلة أو ليلتين أو ثلاثا فقالت امرأة ما أرى شيطانك الا تركك فانزل اللَّه‌ وَ الضُّحى‌ وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى‌ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‌ و بهذا الأمر حصل الإرسال إلى الناس و بالأول حصلت النبوة. و قد قال بعضهم كانت مدة الفترة قريبا من سنتين أو سنتين و نصفا، و الظاهر و اللَّه أعلم أنها المدة التي اقترن معه ميكائيل كما قال الشعبي و غيره، و لا ينفى هذا تقدم ايحاء جبريل اليه أولا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ‌ ثم اقترن به جبريل بعد نزول‌ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ و ثم حمى الوحي بعد هذا و تتابع- أي تدارك شيئا بعد شي‌ء- و قام حينئذ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) في الرسالة أتم القيام و شمر عن ساق العزم و دعا إلى اللَّه القريب و البعيد، و الأحرار و العبيد، فآمن به حينئذ كل لبيب نجيب سعيد، و استمر على مخالفته و عصيانه كل جبار عنيد، فكان أول من بادر إلى التصديق من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، و من الغلمان على بن أبى طالب، و من النساء خديجة بنت خويلد زوجته (عليه السلام)، و من الموالي مولاه زيد بن حارثة الكلبي رضى‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست