responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 126

عبد الرحمن هذا هو الخوارزمي تكلموا فيه.

قلت: قد روى عنه غير واحد منهم الفضل بن موسى السينانى و محمد بن سلام البيكندي، و مع هذا قال ابن عدي ليس بمعروف، و أحاديثه عن كل من روى عنه ليست بمستقيمة. و قد قدمنا ما كان يتعاطاه أبو طالب من المحاماة و المحاجة و الممانعة عن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و الدفع عنه و عن أصحابه و ما قاله فيه من الممادح و الثناء، و ما أظهره له و لأصحابه من المودة و المحبة و الشفقة في اشعاره التي أسلفناها و ما تضمنته من العيب و التنقيص لمن خالفه و كذبه بتلك العبارة الفصيحة البليغة الهاشمية المطلبية التي لا تدانى و لا تسامى، و لا يمكن عربيا مقاربتها و لا معارضتها، و هو في ذلك كله يعلم أن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) صادق بار راشد، و لكن مع هذا لم يؤمن قلبه. و فرق بين علم القلب و تصديقه كما قررنا ذلك في شرح كتاب الايمان من صحيح البخاري، و شاهد ذلك قوله تعالى‌ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‌ و قال تعالى في قوم فرعون‌ وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ‌ و قال موسى لفرعون‌ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً و قول بعض السلف في قوله تعالى‌ وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ‌ أنها نزلت في أبى طالب حيث كان ينهى الناس عن أذية رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و ينأى هو عما جاء به الرسول من الهدى و دين الحق. فقد روى عن ابن عباس، و القاسم بن مخيمرة، و حبيب ابن أبى ثابت، و عطاء بن دينار، و محمد بن كعب، و غيرهم، ففيه نظر و اللَّه أعلم. و الأظهر و اللَّه أعلم الرواية الأخرى عن ابن عباس، و هم ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به. و بهذا قال مجاهد و قتادة و الضحاك و غير واحد- و هو اختيار ابن جرير- و توجيهه أن هذا الكلام سيق لتمام ذم المشركين حيث كانوا يصدون الناس عن اتباعه و لا ينتفعون هم أيضا به. و لهذا قال‌ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى‌ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ وَ إِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ‌ و هذا اللفظ و هو قوله (و هم) يدل على أن المراد بهذا جماعة و هم المذكورون في سياق الكلام و قوله‌ وَ إِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ‌ يدل على تمام الذم. و أبو طالب لم يكن بهذه المثابة بل كان يصد الناس عن أذية رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و أصحابه بكل ما يقدر عليه من فعال و مقال، و نفس و مال. و لكن مع هذا لم يقدر اللَّه له الايمان لما له تعالى في ذلك من الحكمة العظيمة، و الحجة القاطعة البالغة الدامغة التي يجب الايمان بها و التسليم لها، و لو لا ما نهانا اللَّه عنه من الاستغفار للمشركين لاستغفرنا لأبي طالب و ترحمنا عليه.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست