responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 339

و عمل الأسطول و الكتب السلطانية، فمنها كتاب يذكر فيه أن سبب هذا التطويل في الحصار كثرة الذنوب، و ارتكاب المحارم بين الناس، فان اللَّه لا ينال ما عنده إلا بطاعته، و لا يفرج الشدائد إلا بالرجوع إليه، و امتثال أمره، فكيف لا يطول الحصار و المعاصي في كل مكان فاشية، و قد صعد إلى اللَّه منها ما يتوقع بعده الاستعاذة منه، و فيه أنه قد بلغه أن بيت المقدس قد ظهر فيه المنكرات و الفواحش و الظلم في بلاده ما لا يمكن تلافيه إلا بكلفة كثيرة. و منها كتاب يقول فيه إنما أتينا من قبل أنفسنا، و لو صدقنا لعجل اللَّه لنا عواقب صدقنا، و لو أطعناه لما عاقبنا بعدونا، و لو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل لنا ما لا نقدر عليه إلا به، فلا يختصم أحد إلا نفسه و عمله، و لا يرج إلا ربه و لا يغتر بكثرة العساكر و الأعوان، و لا فلان الّذي يعتمد عليه أن يقاتل و لا فلان، فكل هذه مشاغل عن اللَّه ليس النصر بها، و إنما النصر من عند اللَّه، و لا نأمن أن يكلنا اللَّه إليها، و النصر به و اللطف منه، و نستغفر اللَّه تعالى من ذنوبنا، فلو لا أنها تسد طريق دعائنا لكان جواب دعائنا قد نزل، و فيض دموع الخاشعين قد غسل، و لكن في الطريق عائق، خار اللَّه لمولانا في القضاء السابق و اللاحق. و من كتاب آخر يتألم فيه لما عند السلطان من الضعف في جسمه بسبب ما حمل على قلبه مما هو فيه من الشدائد، أثابه اللَّه بقوله: و ما في نفس المملوك شائنة إلا بقية هذا الضعف الّذي في جسم مولانا فإنه بقلوبنا، و نفديه بأسماعنا و أبصارنا ثم قال:

بنا معشر الخدام ما بك من أذى* * * و إن أشفقوا مما أقول فبي وحدي‌

و قد أورد الشيخ شهاب الدين صاحب الروضتين هاهنا كتبا عدة من الفاضل إلى السلطان، فيها فصاحة و بلاغة و مواعظ و تحضيض على الجهاد، ف(رحمه اللَّه) من إنسان ما أفصحه، و من وزير ما كان أنصحه، و من عقل ما كان أرجحه.

فصل‌

و كتب الفاضل كتابا على لسان السلطان إلى ملك الغرب أمير المسلمين، و سلطان جيش الموحدين، يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، يستنجده في إرسال مراكب في البحر تكون عونا للمسلمين على المراكب الفرنجية في عبارة طويلة فصيحة بليغة مليحة، حكاها أبو شامة بطولها.

و بعث السلطان صلاح الدين مع الكتاب سنية من التحف و الألطاف، صحبة الأمير الكبير شمس الدين أبى الحزم عبد الرحمن بن منقذ، و سار في البحر في ثامن ذي القعدة، فدخل على سلطان المغرب في العشرين من ذي الحجة، فأقام عنده إلى عاشوراء من المحرم من سنة ثمان و ثمانين، و لم يفد هذا الإرسال شيئا، لأنه تغضب إذ لم يلقب بأمير المؤمنين، و كانت إشارة الفاضل إلى عدم الإرسال إليه، و لكن وقع ما وقع بمشيئة اللَّه.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست