نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 319
حاشا لمجدك أن تقنط عاصيا* * * الفضل أجزل و المواهب أوسع
ثم دخلت سنة اثنتين و ثمانين و خمسمائة
في ثانى ربيع الأول منها كان دخول الناصر دمشق بعد عافيته، و زار القاضي الفاضل، و استشاره، و كان لا يقطع أمرا دونه، و قرر في نيابة دمشق ولده الأفضل على، و نزل أبو بكر العادل عن حلب لصهره زوج ابنته الملك الظاهر غازى بن الناصر، و أرسل السلطان أخاه العادل صحبة ولده عماد الدين عثمان الملك العزيز على ملك مصر، و يكون الملك العادل أنابكه، و له إقطاع كبيرة جدا، و عزل عن نيابتها تقى الدين عمر، فعزم على الدخول إلى إفريقية، فلم يزل الناصر يتلطف به و يترفق له حتى أقبل بجنوده نحوه، فأكرمه و احترمه و أقطعه حماه و بلادا كثيرة معها، و قد كانت له قبل ذلك، و زاد له على ذلك مدينة ميافارقين، و امتدحه العماد بقصيدة ذكرها في الروضتين.
و فيها هادن قومس طرابلس السلطان و صالحه و صافاه، حتى كان يقاتل ملوك الفرنج أشد القتال و سبى منهم النساء و الصبيان، و كاد أن يسلم و لكن صده السلطان فمات على الكفر و الطغيان، و كانت مصالحته من أقوى أسباب النصر على الفرنج، و من أشد ما دخل عليهم في دينهم. قال العماد الكاتب: و أجمع المنجمون على خراب العالم في شعبان، لأن الكواكب الستة تجتمع فيه في الميزان، فيكون طوفان الريح في سائر البلدان، و ذكر أن ناسا من الجهلة تأهبوا لذلك بحفر مغارات في الجبال و مدّ خلات و أسراب في الأرض خوفا من ذلك، قال: فلما كانت تلك الليلة التي أشاروا إليها و أجمعوا عليها لم ير ليلة مثلها في سكونها و ركودها و هدوئها، و قد ذكر ذلك غير واحد من الناس في سائر أقطار الأرض، و قد نظم الشعراء في تكذيب المنجمين في هذه الواقعة و غريبها أشعارا كثيرة حسنة منها:
مزق التقويم و الزيج فقد بان الخطا* * * إنما التقويم و الزيج هباء و هوا
قلت للسبعة إبرام و منع و عطا* * * و متى ينزلن في الميزان يستولى الهوا
و يثور الرمل حتى يمتلى منه الصفا* * * و يعم الأرض رجف و خراب و بلى
و يصير القاع كالقف و كالطود العدا* * * و حكمتم فأبى الحاكم إلا ما يشا
ما أتى الشرع و لا جاءت بهذا الأنبيا* * * فبقيتم ضحكة يضحك منها العلما
حسبكم خزيا و عارا ما يقول الشعرا* * * ما أطمعكم في الحكم إلا الأمرا
ليت إذ لم يحسنوا في الدين طغاما أسا* * * فعلى اصطرلاب بطليموس و الزيج العفا
و عليه الخزي ما جاءت على الأرض السما
و ممن توفى فيها من الأعيان.
أبو محمد عبد اللَّه بن أبى الوحش
بري بن عبد الجبار بن بري المقدسي ثم المصري، أحد أئمة اللغة و النحو في زمانه، و كان عليه
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 319