responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 278

و الفروسية و الرمي، و كان شهما شجاعا ذا همة عالية، و قصد صالح، و حرمة وافرة و ديانة بينة، فلما قتل أبوه سنة إحدى و أربعين و هو محاصر جعبر كما ذكرنا، صار الملك بحلب إلى ابنه نور الدين هذا، و أعطاه أخوه سيف الدين غازى الموصل، ثم تقدم، ثم افتتح دمشق في سنة تسع و أربعين فأحسن إلى أهلها و بنى لهم المدارس و المساجد و الربط، و وسع لهم الطرق على المارة، و بنى عليها الرصافات و وسع الأسواق، و وضع المكوس بدار الغنم و البطيخ و العرصة، و غير ذلك، و كان حنفي المذهب يحب العلماء و الفقراء و يكرمهم و يحترمهم، و يحسن إليهم، و كان يقوم في أحكامه بالمعدلة الحسنة، و اتباع الشرع المطهر، و يعقد مجالس العدل و يتولاها بنفسه، و يجتمع إليه في ذلك القاضي و الفقهاء و المفتون من سائر المذاهب، و يجلس في يوم الثلاثاء بالمسجد المعلق، الّذي بالكشك، ليصل إليه كل واحد من المسلمين و أهل الذمة، حتى يساويهم، و أحاط السور على حارة اليهود، و كان خرابا، و أغلق باب كسان و فتح باب الفرج، و لم يكن هناك قبله باب بالكلية، و أظهر ببلاده السنة و أمات البدعة، و أمر بالتأذين بحي على الصلاة حي على الفلاح، و لم يكن يؤذن بهما في دولتي أبيه و جده، و إنما كان يؤذن بحي على خير العمل لأن شعار الرفض كان ظاهرا بها، و أقام الحدود و فتح الحصون، و كسر الفرنج مرارا عديدة، و استنقذ من أيديهم معاقل كثيرة من الحصون المنيعة، التي كانوا قد استحوذوا عليها من معاقل المسلمين، كما تقدم بسط ذلك في السنين المتقدمة، و أقطع العرب إقطاعات لئلا يتعرضوا للحجيج، و بنى بدمشق مارستانا لم يبن في الشام قبله مثله و لا بعده أيضا، و وقف وقفا على من يعلم الأيتام الخط و القراءة، و جعل لهم نفقة و كسوة، و على المجاورين بالحرمين و له أوقاف دارة على جميع أبواب الخير، و على الأرامل و المحاويج، و كان الجامع دائرا فولى نظره القاضي كمال الدين محمد بن عبد اللَّه الشهرزوريّ الموصلي، الّذي قدم به فولاه قضاء قضاة دمشق، فأصلح أموره و فتح المشاهد الأربعة، و قد كانت حواصل الجامع بها من حين احترقت في سنة إحدى و ستين و أربعمائة، و أضاف إلى أوقاف الجامع المعلومة الأوقاف التي لا يعرف واقفوها، و لا يعرف شروطهم فيها، و جعلها قلما واحدا، و سمى مال المصالح، و رتب عليه لذوي الحاجات و الفقراء و المساكين و الأرامل و الأيتام و ما أشبه ذلك. و قد كان (رحمه اللَّه) حسن الخط كثير المطالعة للكتب الدينية، متبعا للآثار النبويّة، محافظا على الصلوات في الجماعات، كثير التلاوة محبا لفعل الخيرات، عفيف البطن و الفرج مقتصدا في الإنفاق على نفسه و عياله في المطعم و الملبس، حتى قيل: إنه كان أدنى الفقراء في زمانه أعلا نفقة منه من غير اكتناز و لا استئثار بالدنيا، و لم يسمع منه كلمة فحش قط، في غضب و لا رضى، صموتا وقورا. قال ابن الأثير: لم يكن بعد عمر بن عبد العزيز مثل الملك نور الدين، و لا أكثر تحريا للعدل و الإنصاف منه، و كانت له دكاكين بحمص قد اشتراها مما يخصه من المغانم،

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست