responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 267

و أسكن أكثر الأمراء في دور من كان ينتمى إلى الفاطميين، و لا يلقى أحد من الأتراك أحدا من أولئك الذين كانوا بها من الأكابر إلا شلحوه ثيابه و نهبوا داره، حتى تمزق كثير منهم في البلاد، و تفرقوا شذر مذر و صاروا أيدي سبا.

و قد كانت مدة ملك الفاطميين مائتين و ثمانين سنة و كسرا، فصاروا كأمس الذاهب كأن لم يغنوا فيها. و كان أول من ملك منهم المهدي، و كان من سلمية حدادا اسمه عبيد، و كان يهوديا، فدخل بلاد المغرب و تسمى بعبيد اللَّه، و ادعى أنه شريف علوي فاطمي، و قال عن نفسه إنه المهدي كما ذكر ذلك غير واحد من العلماء و الأئمة بعد الأربعمائة كما قد بسطنا ذلك فيما تقدم، و المقصود أن هذا الدعي الكذاب راج له ما افتراه في تلك البلاد، و وازره جماعة من الجهلة، و صارت له دولة و صولة، ثم تمكن إلى أن بنى مدينة سماها المهدية نسبة إليه، و صار ملكا مطاعا، يظهر الرفض و ينطوى على الكفر المحض، ثم كان من بعده ابنه القائم محمد، ثم ابنه المنصور إسماعيل، ثم ابنه المعز معد، و هو أول من دخل ديار مصر منهم، و بنيت له القاهرة المعزية و القصران، ثم ابنه العزيز نزار، ثم ابنه الحاكم منصور، ثم ابنه الطاهر على، ثم ابنه المستنصر معد، ثم ابنه المستعلى أحمد، ثم ابنه الآمر منصور، ثم ابن عمه الحافظ عبد المجيد، ثم ابنه الظافر إسماعيل، ثم الفائز عيسى، ثم ابن عمه العاضد عبد اللَّه و هو آخرهم، فجملتهم أربعة عشر ملكا، و مدتهم مائتان و نيف و ثمانون سنة، و كذلك عدة خلفاء بنى أمية أربعة عشر أيضا، و لكن كانت مدتهم نيفا و ثمانين سنة، و قد نظمت أسماء هؤلاء و هؤلاء بأرجوزة تابعة لأرجوزة بنى العباس عند انقضاء دولتهم ببغداد، في سنة ست و خمسين و ستمائة، كما سيأتي. و قد كان الفاطميون أغنى الخلفاء و أكثرهم مالا، و كانوا من أغنى الخلفاء و أجبرهم و أظلمهم، و أنجس الملوك سيرة، و أخبثهم سريرة، ظهرت في دولتهم البدع و المنكرات و كثر أهل الفساد و قل عندهم الصالحون من العلماء و العباد، و كثر بأرض الشام النصرانية و الدرزية و الحشيشية، و تغلب الفرنج على سواحل الشام بكماله، حتى أخذوا القدس و نابلس و عجلون و الغور و بلاد غزة و عسقلان و كرك الشوبك و طبرية و بانياس و صور و عكا و صيدا و بيروت و صفد و طرابلس و أنطاكية و جميع ما والى ذلك، إلى بلاد إياس و سيس، و استحوذوا عل بلاد آمد و الرها و رأس العين و بلاد شتى غير ذلك، و قتلوا من المسلمين خلقا و أمما لا يحصيهم إلا اللَّه، و سبوا ذراري المسلمين من النساء و الولدان مما لا يحد و لا يوصف، و كل هذه البلاد كانت الصحابة قد فتحوها و صارت دار إسلام، و أخذوا من أموال المسلمين ما لا يحد و لا يوصف، و كادوا أن يتغلبوا أن يتغلبوا على دمشق و لكن اللَّه سلم، و حين زالت أيامهم و انتقض إبرامهم أعاد اللَّه عز و جل هذه البلاد كلها إلى المسلمين بحوله و قوته و جوده و رحمته، و قد قال الشاعر المعروف عرقلة:

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست