نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 9
البلوغ، فشق ذلك على الناس أيضا و نصحوه فلم ينتصح، و نهوه فلم يرتدع و لم يقبل.
قال المدائني في روايته: ثقل ذلك على الناس و رماه بنو هاشم و بنو الوليد بالكفر و الزندقة و غشيان أمهات أولاد أبيه، و باللواط و غيره، و قالوا: قد اتخذ مائة جامعة على كل جامعة اسم رجل من بنى هاشم ليقتله بها، و رموه بالزندقة، و كان أشدهم فيه قولا يزيد بن الوليد بن عبد الملك، و كان الناس إلى قوله أميل، لأنه أظهر النسك و التواضع، و يقول ما يسعنا الرضا بالوليد حتى حمل الناس على الفتك به، قالوا: و انتدب للقيام عليه جماعة من قضاعة و اليمانية و خلق من أعيان الأمراء و آل الوليد بن عبد الملك، و كان القائم بأعباء ذلك كله و الداعي إليه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، و هو من سادات بنى أمية، و كان ينسب إلى الصلاح و الدين و الورع، فبايعه الناس على ذلك، و قد نهاه أخوه العباس بن الوليد فلم يقبل، فقال: و اللَّه لو لا أنى أخاف عليك لقيدتك و أرسلتك إليه، و اتفق خروج الناس من دمشق من وباء وقع بها، فكان ممن خرج الوليد بن يزيد أمير المؤمنين في طائفة من أصحابه نحو المائتين، إلى ناحية مشارف دمشق، فانتظم إلى يزيد بن الوليد أمره و جعل أخوه العباس ينهاه عن ذلك أشد النهى، فلا يقبل، فقال العباس في ذلك:
إني أعيذكم باللَّه من فتن* * * مثل الجبال تسامى ثم تندفع
إن البرية قد ملت سياستكم* * * فاستمسكوا بعمود الدين و ارتدعوا
لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم* * * إن الذباب إذا ما ألحمت رتعوا
لا تبقرن بأيديكم بطونكم* * * فثم لا حسرة تغني و لا جزع
فلما استوثق ليزيد بن الوليد أمره، و بايعه من بايعه من الناس، قصد دمشق فدخلها في غيبة الوليد فبايعه أكثر أهلها في الليل، و بلغه أن أهل المزة قد بايعوا كبيرهم معاوية بن مصاد، فمضى إليه يزيد ماشيا في نفر من أصحابه، فأصابهم في الطريق خطر شديد، فأتوه فطرقوا بابه ليلا ثم دخلوا فكلمه يزيد في ذلك فبايعه معاوية بن مصاد، ثم رجع يزيد من ليلته إلى دمشق على طريق القناة و هو على حمار أسود، فحلف أصحابه أنه لا يدخل دمشق إلا في السلاح، فلبس سلاحا من تحت ثيابه فدخلها، و كان الوليد قد استناب على دمشق في غيبته عبد الملك بن محمد بن الحجاج بن يوسف الثقفي، و على شرطتها أبو العاج كثير بن عبد اللَّه السلمي، فلما كان ليلة الجمعة اجتمع أصحاب يزيد بين العشائين عند باب الفراديس، فلما أذن العشاء الآخرة دخلوا المسجد، فلما لم يبق في المسجد غيرهم بعثوا الى يزيد بن الوليد فجاءهم فقصدوا باب المقصورة ففتح لهم خادم، فدخلوا فوجدوا أبا العاج و هو سكران، فأخذوا خزائن بيت المال و تسلموا الحواصل، و تقووا بالاسلحة، و أمر يزيد باغلاق أبواب البلد، و أن لا يفتح إلا لمن يعرف، فلما أصبح الناس قدم أهل الحواضر من كل جانب
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 9