responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 76

و هم في ستمائة، فتنادى الناس و غلقت أبواب البلد، و خرج المنصور من القصر ماشيا، لأنه لم يجد دابة يركبها، ثم جي‌ء بدابة فركبها و قصد نحو الراوندية و جاء الناس من كل ناحية، و جاء معن من زائدة، فلما رأى المنصور ترجل و أخذ بلجام دابة المنصور، و قال: يا أمير المؤمنين ارجع! نحن نكفيكهم. فأبى و قام أهل الأسواق إليهم فقاتلوهم، و جاءت الجيوش فالتفوا عليهم من كل ناحية فحصدوهم عن آخرهم، و لم يبق منهم بقية. و جرحوا عثمان بن نهيك بسهم بين كتفيه، فمرض أياما ثم مات، فصلى عليه الخليفة، و قام على قبره حتى دفن و دعا له، و ولى أخاه عيسى بن نهيك على الحرس، و كان ذلك كله بالمدينة الهاشمية من الكوفة.

و لما فرغ المنصور من قتال الراوندية ذلك اليوم صلى بالناس الظهر في آخر وقتها، ثم أتى بالطعام فقال أين معن بن زائدة؟ و أمسك عن الطعام حتى جاء معن فأجلسه إلى جنبه، ثم أخذ في شكره لمن بحضرته لما رأى من شهامته يومئذ. فقال معن: و اللَّه يا أمير المؤمنين لقد جئت و إني لوجل، فلما رأيت استهانتك بهم و إقدامك عليهم قوى قلبي و اطمأن، و ما ظننت أن أحدا يكون في الحرب هكذا، فذاك الّذي شجعني يا أمير المؤمنين. فأمر له المنصور بعشرة آلاف و رضى عنه و ولاه اليمن.

و كان معن بن زائدة قبل ذلك مختفيا، لانه قاتل المسودة مع ابن هبيرة، فلم يظهر إلا في هذا اليوم.

فلما رأى الخليفة صدقة في قتاله رضى عنه. و يقال: إن المنصور قال عن نفسه: أخطأت في ثلاث:

قتلت أبا مسلم و أنا في جماعة قليلة، و حين خرجت إلى الشام و لو اختلف سيفان بالعراق لذهبت الخلافة، و يوم الراوندية لو أصابنى سهم غرب لذهبت ضياعا. و هذا من حزمه و صرامته.

و في هذه السنة ولى المنصور ابنه محمدا العهد من بعده و دعاه بالمهديّ و ولاه بلاد خراسان و عزل عنها عبد الجبار بن عبد الرحمن، و ذلك أنه قتل خلقا من شيعة الخليفة، فشكاه المنصور إلى أبى أيوب كاتب الرسائل فقال: يا أمير المؤمنين اكتب إليه ليبعث جيشا كثيفا من خراسان إلى غزو الروم، فإذا خرجوا بعثت إليه من شئت فأخرجوه من بلاد خراسان ذليلا. فكتب إليه المنصور بذلك، فرد الجواب بأن بلاد خراسان قد عاثت بها الأتراك، و متى خرج منها جيش خيف عليها و فسد أمرها. فقال المنصور لأبى أيوب: ما ذا ترى؟ قال: فاكتب إليه: إن بلاد خراسان أحق بالمدد لثغور المسلمين من غيرها، و قد جهزت إليك بالجنود. فكتب إليه أيضا: إن بلاد خراسان ضيقة في هذا العام أقواتها، و متى دخلها جيش أفسدها. فقال الخليفة لأبى أيوب: ما تقول؟ فقال:

يا أمير المؤمنين هذا رجل قد أبدى صفحته و خلع فلا تناظره. فحينئذ بعث المنصور ابنه محمدا المهدي ليقيم بالري، فبعث المهدي بين يديه خازم بن خزيمة مقدمة إلى عبد الجبار، فما زال به يخدعه و من معه حتى هرب من معه و أخذوه هو فأركبوه بعيرا محولا وجهه إلى ناحية ذنب البعير. و سيروه كذلك‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست