responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 338

المتوكل ذلك و علم براءته مما نسب إليه علم أن يكذبون عليه كثيرا، فبعث إليه يعقوب بن إبراهيم المعروف بقوصرة- و هو أحد الحجبة- بعشرة آلاف درهم من الخليفة، و قال: هو يقرأ عليك السلام و يقول: استنفق هذه، فامتنع من قبولها. فقال: يا أبا عبد اللَّه إني أخشى من ردك إياها أن يقع وحشة بينك و بينه، و المصلحة لكل قبولها، فوضعها عنده ثم ذهب فلما كان من آخر الليل استدعى أحمد أهله و بنى عمه و عياله و قال: لم أنم هذه الليلة من هذا المال، فجلسوا و كتبوا أسماء جماعة من المحتاجين من أهل الحديث و غيرهم من أهل بغداد و البصرة، ثم أصبح ففرقها في الناس ما بين الخمسين إلى المائة و المائتين، فلم يبق منها درهما، و أعطى منها لأبى أيوب و أبى سعيد الأشج، و تصدق بالكيس الّذي كانت فيه، و لم يعط منها لأهله شيئا و هم في غاية الفقر و الجهد، و جاء بنو ابنه فقال: أعطني درهما. فنظر أحمد إلى ابنه صالح فتناول صالح قطعة فأعطاها الصبى فسكت أحمد.

و بلغ الخليفة أنه تصدق بالجائزة كلها حتى كيسها، فقال على بن الجهم: يا أمير المؤمنين إنه قد قبلها منك و تصدق بها عنك، و ما ذا يصنع أحمد بالمال؟ إنما يكفيه رغيف. فقال: صدقت.

فلما مات إسحاق بن إبراهيم و ابنه محمد و لم يكن بينهما إلا القريب، و تولى نيابة بغداد عبد اللَّه ابن إسحاق، كتب المتوكل إليه أن يحمل إليه الامام أحمد، فقال لأحمد في ذلك فقال: إني شيخ كبير و ضعيف، فرد الجواب على الخليفة بذلك، فأرسل يعزم عليه لتأتينى، و كتب إلى أحمد: إني أحب أن آنس بقربك و بالنظر إليك، و يحصل لي بركة دعائك. فسار إليه الامام أحمد- و هو عليل- في بنيه و بعض أهله، فلما قارب العسكر تلقاه وصيف الخادم في موكب عظيم، فسلم وصيف على الامام أحمد فرد السلام و قال له وصيف: قد أمكنك اللَّه من عدوك ابن أبى دؤاد. فلم يرد عليه جوابا، و جعل ابنه يدعو اللَّه للخليفة و لوصيف. فلما وصلوا إلى العسكر بسر من رأى، أنزل أحمد في دار إيتاخ، فلما علم بذلك ارتحل منها و أمر أن يستكرى له دار غيرها. و كان رءوس الأمراء في كل يوم يحضرون عنده و يبلغونه عن الخليفة السلام، و لا يدخلون عليه حتى يقلعون ما عليهم من الزينة و السلاح. و بعث إليه الخليفة بالمفارش الوطيئة و غيرها من الآلات التي تليق بتلك الدار العظيمة، و أراد منه الخليفة أن يقيم هناك ليحدث الناس عوضا عما فاتهم منه في أيام المحنة و ما بعدها من السنين المتطاولة، فاعتذر إليه بأنه عليل و أسنانه تتحرك و هو ضعيف. و كان الخليفة يبعث إليه في كل يوم مائدة فيها ألوان الأطعمة و الفاكهة و الثلج، مما يقاوم مائة و عشرين درهما في كل يوم، و الخليفة يحسب أنه يأكل من ذلك، و لم يكن أحمد يأكل شيئا من ذلك بالكلية، بل كان صائما يطوى، فمكث ثمانية أيام لم يستطعم بطعام، و مع ذلك هو مريض، ثم أقسم عليه ولده حتى شرب قليلا من السويق بعد ثمانية أيام. و جاء عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان بمال جزيل من الخليفة جائزة له فامتنع‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست