responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 313

ثم دخلت سنة خمس و ثلاثين و مائتين‌

في جمادى الآخرة منها كان هلاك إيتاخ في السجن، و ذلك أنه رجع من الحج فتلقته هدايا الخليفة، فلما اقترب يريد دخول سامرا التي فيها المتوكل بعث إليه إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد عن أمر الخليفة يستدعيه إليها ليتلقاه وجوه الناس و بنى هاشم، فدخلها في أبهة عظيمة، فقبض عليه إسحاق بن إبراهيم و على ابنيه مظفر و منصور و كاتبيه سليمان بن وهب و قدامة بن زياد النصراني فأسلم تحت العقوبة، و كان هلاك إيتاخ بالعطش، و ذلك أنه أكل أكلا كثيرا بعد جوع شديد ثم استسقى الماء فلم يسقى حتى مات ليلة الأربعاء لخمس خلون من جمادى الآخرة منها. و مكث ولداه في السجن مدة خلافة المتوكل، فلما ولى المنتصر ولد المتوكل أخرجهما. و في شوال منها قدم بغا سامرا و معه محمد بن البعيث و أخواه صقر و خالد، و نائبة العلاء و معهم من رءوس أصحابه نحو من مائة و ثمانين إنسانا فأدخلوا على الجمال ليراهم الناس، فلما أوقف ابن البعيث بين يدي المتوكل أمر بضرب عنقه، فأحضر السيف و النطع فجاء السيافون فوقفوا حوله، فقال له المتوكل: وليك ما دعاك إلى ما فعلت؟ فقال: الشقوة يا أمير المؤمنين، و أنت الحبل الممدود بين اللَّه و بين خلقه، و إن لي فيك لظنين، أسبقهما إلى قلبي أولاهما بك، و هو العفو. ثم اندفع يقول بديهة:

أبى الناس إلا أنك اليوم قاتلي‌* * * إمام الهدى و الصفح بالمرء أجمل‌

و هل أنا إلا جبلة من خطيئة* * * و عفوك من نور النبوة يجبل‌

فإنك خير السابقين إلى العلى‌* * * و لا شك أن خير الفعالين تفعل‌

فقال المتوكل: إن معه لأدبا. ثم عفا عنه. و يقال بل شفع فيه المعتز بن المتوكل فشفعه، و يقال بل أودع في السجن في قيوده فلم يزل فيه حتى هرب بعد ذلك، و قد قال حين هرب:-

كم قد قضيت أمورا كان أهملها* * * غيري و قد أخذ الإفلاس بالكظم‌

لا تعذلينى فيما ليس ينفعني‌* * * إليك عنى جرى المقدور بالقلم‌

سأتلف المال في عسر و في يسر* * * إن الجواد الّذي يعطى على العدم‌

و فيها أمر المتوكل أهل الذمة أن يتميزوا عن المسلمين في لباسهم و عمائمهم و ثيابهم، و أن يتطيلسوا بالمصبوغ بالقلى و أن يكون على عمائمهم رقاع مخالفة للون ثيابهم من خلفهم و من بين أيديهم، و أن يلزموا بالزنانير الخاصرة لثيابهم كزنانير الفلاحين اليوم، و أن يحملوا في رقابهم كرات من خشب كثيرة، و أن لا يركبوا خيلا، و لتكن ركبهم من خشب، إلى غير ذلك من الأمور المذلة لهم المهينة لنفوسهم، و أن لا يستعملوا في شي‌ء من الدواوين التي يكون لهم فيها حكم على مسلم، و أمر بتخريب كنائسهم المحدثة، و بتضييق منازلهم التسعة، فيؤخذ منها العشر، و أن يعمل مما كان متسعا من منازلهم‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست