responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 296

عن المعتصم أن ملك الروم كتب إليه كتابا يتهدده فيه فقال للكاتب اكتب: قد قرأت كتابك و فهمت خطابك و الجواب ما ترى لا ما تسمع، و سيعلم الكفار لمن عقبى الدار. قال الخطيب: غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث و عشرين و مائتين، فأنكى نكاية عظيمة في العدو، و فتح عمّورية و قتل من أهلها ثلاثين ألفا و سبى مثلهم، و كان في سبيه ستون بطريقا، و طرح النار في عمّورية في سائر نواحيها فأحرقها و جاء بنائبها إلى العراق و جاء ببابها أيضا معه و هو منصوب حتى الآن على أحد أبواب دار الخلافة مما يلي المسجد الجامع في القصر. و روى عن أحمد بن أبى دؤاد القاضي أنه قال:

ربما أخرج المعتصم ساعده إلى و قال لي: عض يا أبا عبد اللَّه بكل ما تقدر عليه، فأقول إنه لا تطيب نفسي يا أمير المؤمنين أن أعض ساعدك، فيقول: إنه لا يضرني. فأكدم بكل ما أقدر عليه فلا يؤثر ذلك في يده. و مر يوما في خلافة أخيه بمخيم الجند فإذا امرأة تقول: ابني ابني، فقال لها:

ما شأنك؟ فقالت: ابني أخذه صاحب هذه الخيمة. فجاء إليه المعتصم فقال له: أطلق هذا الصبى، فامتنع عليه فقبض على جسده بيده فسمع صوت عظامه من تحت يده، ثم أرسله فسقط ميتا و أمر بإخراج الصبى إلى أمه. و لما ولى الخلافة كان شهما و له همة عالية في الحرب و مهابة عظيمة في القلوب، و إنما كانت نهمته في الإنفاق في الحرب لا في البناء و لا في غيره.

و قال أحمد بن أبى دؤاد: تصدق المعتصم على يدي و وهب ما قيمته مائة ألف ألف درهم. و قال غيره: كان المعتصم إذا غضب لا يبالي من قتل و لا ما فعل. و قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:

دخلت يوما على المعتصم و عنده قينة له تغنيه فقال لي: كيف تراها؟ فقلت له: أراها تقهره بحذق، و تجتله برفق، و لا تخرج من شي‌ء إلا إلى أحسن منه، و في صوتها قطع شذور، أحسن من نظم الدر على النحور. فقال: و اللَّه لصفتك لها أحسن منها و من غنائها. ثم قال لابنه هارون الواثق ولى عهده من بعده: اسمع هذا الكلام. و قد استخدم المعتصم من الأتراك خلقا عظيما كان له من المماليك الترك قريب من عشرين ألفا، و ملك من آلات الحرب و الدواب ما لم يتفق لغيره. و لما حضرته الوفاة جعل يقول‌ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ‌ و قال: لو علمت ان عمري قصير ما فعلت. و قال: إني أحدث هذا الخلق، و جعل يقول: ذهبت الحيل فلا حيلة، و روى عنه انه قال في مرض موته: اللَّهمّ إني أخافك من قبلي و لا أخافك من قبلك، و أرجوك من قبلك و لا أرجوك من قبلي.

كانت وفاته بسر من رأى في يوم الخميس ضحى لسبعة عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من هذه السنة- أعنى سنة سبع و عشرين و مائتين- و كان مولده يوم الاثنين لعشر خلون من شعبان سنة ثمانين و مائة، و ولى الخلافة في رجب سنة ثمان عشرة و مائتين، و كان أبيض أصهب اللحية

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست