نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 279
المجيء إليه حتى يأتى إليها المأمون بنفسه، فأنشأ المأمون يقول:
بعثتك مشتاقا ففزت بنظرة* * * و أغفلتنى حتى أسأت بك الظنّا
فناجيت من أهوى و كنت مباعدا* * * فيا ليت شعرى عن دنوك ما أغنى
و رددت طرفا في محاسن وجهها* * * و متعت باستسماع نغمتها أذنا
أرى أثرا منه بعينيك بيّنا* * * لقد سرقت عيناك من عينها حسنا
و لما ابتدع المأمون ما ابتدع من التشيع و الاعتزال، فرح بذلك بشر المريسي- و كان بشر هذا شيخ المأمون- فأنشأ يقول:
قد قال مأموننا و سيدنا* * * قولا له في الكتب تصديق
إن عليا اعنى أبا حسن* * * أفضل من قد أقلّت النوق
بعد نبي الهدى و إن لنا* * * أعمالنا و القرآن مخلوق
فأجابه بعض الشعراء من أهل السنة:
يا أيها الناس لا قول و لا عمل* * * لمن يقول كلام اللَّه مخلوق
ما قال ذاك أبو بكر و لا عمر* * * و لا النبي و لم يذكره صديق
و لم يقل ذاك إلا كل مبتدع* * * على الرسول و عند اللَّه زنديق
بشر أراد به إمحاق دينهم* * * لأن دينهم و اللَّه ممحوق
يا قوم أصبح عقل من خليفتكم* * * مقيدا و هو في الأغلال موثوق
و قد سأل بشر من المأمون أن يطلب قائل هذا فيؤدبه على ذلك، فقال: ويحك لو كان فقيها لأدبته و لكنه شاعر فلست أعرض له. و لما تجهز المأمون للغزو في آخر سفرة سافرها إلى طرسوس استدعى بجارية كان يحبها و قد اشتراها في آخر عمره، فضمها إليه فبكت الجارية و قالت: قتلتني يا أمير المؤمنين بسفرك ثم أنشأت تقول:
سأدعوك دعوة المضطر ربا* * * يثبت على الدعاء و يستجيب
لعل اللَّه أن يكفيك حربا* * * و يجمعنا كما تهوى القلوب
فضمها إليه و أنشأ يقول متمثلا:-
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها* * * و إذ هي تذرى الدمع منها الأنامل
صبيحة قالت في العتاب قتلتني* * * و قتلى بما قالت هناك تحاول
ثم أمر مسرورا الخادم بالإحسان إليها و الاحتفاظ عليها حتى يرجع، ثم قال: نحن كما قال الأخطل
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم* * * دون النساء و لو باتت باطهار
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 279