responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 243

إلى التضيق عليه، ثم إلى قتله، و أنه حصر في آخر أمره حتى احتاج إلى مصانعة هرثمة، و أنه ألقى في حراقة ثم ألقى منها فسبح إلى الشط الآخر فدخل دار بعض العامة و هو في غاية الخوف و الدهش و الجوع و العرى، فجعل الرجل يلقنه الصبر و الاستغفار، فاشتغل بذلك ساعة من الليل، ثم جاء الطلب وراءه من جهة طاهر بن الحسين بن مصعب، فدخلوا عليه و كان الباب ضيقا فتدافعوا عليه و قام إليهم فجعل يدافعهم عن نفسه بمخدة في يده، فما وصلوا إليه حتى عرقبوه و ضربوا رأسه أو خاصرته بالسيوف، ثم ذبحوه و أخذوا رأسه و جثته فأتوا بهما طاهرا، ففرح بذلك فرحا شديدا، و أمر بنصب الرأس فوق رمح هناك حتى أصبح الناس فنظروا إليه فوق الرمح عند باب الأنبار، و كثر عدد الناس ينظرون إليه. ثم بعث طاهر برأس الأمين مع ابن عمه محمد بن مصعب، و بعث معه بالبردة و القضيب و النعل- و كان من خوص مبطن- فسلمه إلى ذي الرئاستين، فدخل به على المأمون على ترس، فلما رآه سجد و أمر لمن جاء به بألف ألف درهم. و قد قال ذو الرئاستين حين قدم الرأس يؤلب على طاهر: أمرناه بأن يأتى به أسيرا فأرسل به إلينا عقيرا. فقال المأمون:

مضى ما مضى. و كتب طاهر إلى المأمون كتابا ذكر فيه صورة ما وقع حتى آل الحال إلى ما آل إليه.

و لما قتل الأمين هدأت الفتن و خمدت الشرور، و أمن الناس، و طابت النفس، و دخل طاهر بغداد يوم الجمعة و خطبهم خطبة بليغة ذكر فيها آيات كثيرة من القرآن، و أن اللَّه يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد، و أمرهم فيها بالجماعة و السمع و الطاعة ثم خرج إلى معسكره فأقام به و أمر بتحويل زبيدة من قصر أبى جعفر إلى قصر الخلد، فخرجت يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول من هذه السنة، و بعث بموسى و عبد اللَّه ابني الأمين إلى عمهما المأمون بخراسان، و كان ذلك رأيا سديدا. و قد وثب طائفة من الجند على طاهر بعد خمسة أيام من مقتل الأمين و طلبوا منه أرزاقهم فلم يكن عنده إذ ذاك مال، فتحزبوا و اجتمعوا و نهبوا بعض متاعه و نادوا: يا موسى يا منصور، و اعتقدوا أن موسى بن الأمين الملقب بالناطق هناك، و إذا هو قد سيّره إلى عمه. و انحاز طاهر بمن معه من القواد ناحية و عزم على قتالهم بمن معه، ثم رجعوا إليه و اعتذروا و ندموا، فأمر لهم برزق أربعة أشهر بعشرين ألف دينار اقترضها من بعض الناس، فطابت الخواطر. ثم إن إبراهيم بن المهدي قد أسف على قتل محمد الأمين بن زبيدة و رثاه بأبيات، فبلغ ذلك المأمون فبعث إليه يعنفه و يلومه على ذلك، و قد ذكر ابن جرير مراثي كثيرة للناس في الأمين، و ذكر من أشعار الذين هجوه طرفا، و ذكر من شعر طاهر بن الحسين حين قتله قوله:-

ملكت الناس قسرا و اقتدارا* * * و قتلت الجبابرة الكبارا

و وجهت الخلافة نحو مرو* * * إلى المأمون تبتدر ابتدارا

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست