نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 230
و عف عن الفاحشة و لم يفش ذلك فمات بسبب ذلك حصل له أجر كثير. فان صح هذا كان ذلك له نوع شهادة و اللَّه أعلم.
و روى الخطيب أيضا أن شعبة لقي أبا نواس فقال له: حدثنا من طرفك، فقال مرتجلا: حدثنا الخفاف عن وائل و خالد الحذاء عن جابر و مسعر عن بعض أصحابه يرفعه الشيخ إلى عامر قالوا جميعا:
أيما طفلة علقها ذو خلق طاهر فواصلته ثم دامت له على وصال الحافظ الذاكر، كانت له الجنة مفتوحة يرتع في مرتعها الزاهر، و أي معشوق جفا عاشقا بعد وصال دائم ناصر! ففي عذاب اللَّه بعدا له نعم و سحقا دائم ذاخر. فقال له شعبة: إنك لجميل الأخلاق، و إني لأرجو لك. و أنشد أبو نواس أيضا
يا ساحر المقلتين و الجيد* * * و قاتلي منك بالمواعيد
توعدني الوصل ثم تخلفني* * * ويلاى من خلفك موعودى
حدثني الأزرق المحدث عن* * * شهر و عوف عن ابن مسعود
ما يخلف الوعد غير كافرة* * * و كافر في الجحيم مصفود
فبلغ ذلك إسحاق بن يوسف الأزرق فقال: كذب عدو اللَّه على و على التابعين و على أصحاب محمد (صلى اللَّه عليه و سلم). و عن سليم بن منصور بن عمار قال: رأيت أبا نواس في مجلس أبى يبكى بكاء شديدا فقلت: إني لأرجو أن لا يعذبك اللَّه بعد هذا البكاء فأنشأ يقول:
لم ابك في مجلس منصور* * * شوقا إلى الجنة و الحور
و لا من القبر و أهواله* * * و لا من النفخة في الصور
و لا من النار و أغلالها* * * و لا من الخذلان و الجور
لكن بكائي لبكا شادن* * * تقيه نفسي كل محذور
ثم قال: إنما بكيت لبكاء هذا الأمرد الّذي إلى جانب أبيك- و كان صبيا حسن الصورة يسمع الوعظ فيبكي خوفا من اللَّه عز و جل- قال: أبو نواس: دعاني يوما بعض الحاكة و ألح على ليضيفنى في منزله، و لم يزل بى حتى أجبته فسار إلى منزله و سرت معه فإذا منزل لا بأس به، و قد احتفل الحائك في الطعام و جمع جمعا من الحياك، فأكلنا و شربنا ثم قال: يا سيدي أشتهى أن تقول في جاريتي شيئا من الشعر- و كان مغرما بجارية له- قال فقلت أرنيها حتى أنظم على شكلها و حسنها، فكشف عنها فإذا هي أسمج خلق اللَّه و أوحشهم، سوداء شمطاء ديدانية يسيل لعابها على صدرها. فقلت لسيدها: ما اسمها؟ فقال تسنيم، فأنشأت أقول:
أسهر ليلى حب تسنيم* * * جارية في الحسن كالبوم
كأنما نكهتها كامخ* * * أو حزمة من حزم الثوم
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 230