responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 216

و قال ابن قتيبة: ثنا الرياشي سمعت الأصمعي يقول: دخلت على الرشيد و هو يقلم أظفاره يوم الجمعة فقلت له في ذلك فقال: أخذ الأظفار يوم الخميس من السنة، و بلغني أن أخذها يوم الجمعة ينفي الفقر. فقلت: يا أمير المؤمنين أو تخشى الفقر؟ فقال: يا أصمعي و هل أحد أخشى للفقر مني؟.

و روى ابن عساكر عن إبراهيم المهدي قال: كنت يوما عند الرشيد فدعا طباخه فقال: أ عندك في الطعام لحم جزور؟ قال: نعم، ألوان منه. فقال: أحضره مع الطعام فلما وضع بين يديه أخذ لقمة منه فوضعها في فيه فضحك جعفر البرمكي، فترك الرشيد مضغ اللقمة و أقبل عليه فقال: مم تضحك؟ قال: لا شي‌ء يا أمير المؤمنين، ذكرت كلاما بيني و بين جاريتي البارحة. فقال له: بحقي عليك لما أخبرتني به. فقال: حتى تأكل هذه اللقمة، فألقاها من فيه و قال: و اللَّه لتخبرني. فقال:

يا أمير المؤمنين بكم تقول إن هذا الطعام من لحم الجزور يقوم عليك؟ قال: بأربعة دراهم. قال: لا و اللَّه، يا أمير المؤمنين بل بأربعمائة ألف درهم. قال: و كيف ذلك؟ قال: إنك طلبت من طباخك لحم جزور قبل هذا اليوم بمدة طويلة فلم يوجد عنده، فقلت: لا يخلون المطبخ من لحم جزور، فنحن ننحر كل يوم جزور لأجل مطبخ أمير المؤمنين، لأنا لا نشتري من السوق لحم جزور. فصرف في لحم الجزور من ذلك اليوم إلى هذا اليوم أربعمائة ألف درهم، و لم يطلب أمير المؤمنين لحم جزور إلا هذا اليوم. قال جعفر: فضحكت لأن أمير المؤمنين إنما ناله من ذلك هذه اللقمة. فهي على أمير المؤمنين بأربعمائة ألف.

قال: فبكى الرشيد بكاء شديدا و أمر برفع السماط من بين يديه، و أقبل على نفسه يوبخها و يقول: هلكت و اللَّه يا هارون. و لم يزل يبكي حتى آذنه المؤذنون بصلاة الظهر، فخرج فصلى بالناس ثم رجع يبكي حتى آذنه المؤذنون بصلاة العصر، و قد أمر بألفي ألف تصرف إلى فقراء الحرمين في كل حرم ألف ألف صدقة، و أمر بألفي ألف يتصدق بها في جانبي بغداد الغربي و الشرقي، و بألف ألف يتصدق بها على فقراء الكوفة و البصرة. ثم خرج إلى صلاة العصر ثم رجع يبكي حتى صلى المغرب، ثم رجع، فدخل عليه أبو يوسف القاضي فقال: ما شأنك يا أمير المؤمنين باكيا في هذا اليوم؟ فذكر أمره و ما صرف من المال الجزيل لأجل شهوته، و إنما ناله منها لقمة. فقال أبو يوسف لجعفر: هل كان ما تذبحونه من الجزور يفسد، أو يأكله الناس؟ قال: بل يأكله الناس. فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بثواب اللَّه فيما صرفته من المال الّذي أكله المسلمون في الأيام الماضية، و بما يسره اللَّه عليك من الصدقة، و بما رزقك اللَّه من خشيته و خوفه في هذا اليوم، و قد قال تعالى‌ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ‌ [الرحمن: 46]. فأمر له الرشيد بأربعمائة ألف. ثم استدعى بطعام فأكل منه فكان غداؤه في هذا اليوم عشاء.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست