نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 145
جزائر بحر الروم و هو مرابط، و أنه ذهب إلى الخلاء ليلة مات نحوا من عشرين مرة، و في كل مرة يجدد الوضوء بعد هذا، و كان به البطن، فلما كانت غشية الموت قال: أوتروا لي قوسى، فأوتروه فقبض عليه فمات و هو قابض عليه يريد الرمي به إلى العدو (رحمه اللَّه) و أكرم مثواه.
و قد قال أبو سعيد بن الأعرابي: حدثنا محمد بن على بن يزيد الصائغ قال سمعت الشافعيّ يقول: كان سفيان معجبا به:
[
أجاعتهم الدنيا فخافوا و لم يزل* * * كذلك ذو التقوى عن العيش ملجما
أخو طيِّئ داود منهم و مسعر* * * و منهم وهيب و العريب ابن أدهما
و في ابن سعيد قدوة البر و النهى* * * و في الوارث الفاروق صدقا مقدما
و حسبك منهم بالفضيل مع ابنه* * * و يوسف ان لم يأل أن يتسلما
أولئك أصحابى و أهل مودتي* * * فصلى عليهم ذو الجلال و سلما
فما ضر ذا التقوى نصال أسنة* * * و ما زال ذو التقوى أعز و أكرما
و ما زالت التقوى تريك على الفتى* * * إذا محّض التقوى من العز ميسما
و روى البخاري في كتاب الأدب عن إبراهيم بن أدهم و أخرج الترمذي في جامعه حدثنا معلقا في المسح على الخفين. و اللَّه سبحانه أعلم.] [1]
و فيها توفى أبو سليمان داود بن نصير الطائي الكوفي الفقيه الزاهد، أخذ الفقه عن أبى حنيفة. قال سفيان بن عيينة: ثم ترك داود الفقه و أقبل على العبادة و دفن كتبه. قال عبد اللَّه بن المبارك: و هل الأمر إلا ما كان عليه داود الطائي. و قال ابن معين: كان ثقة، وفد على المهدي ببغداد ثم عاد إلى الكوفة. ذكره الخطيب البغدادي. و قال: مات في سنة ستين و مائة، و قيل في سنة ست و خمسين و مائة. و قد ذكر شيخنا الذهبي في تاريخه أنه توفى في هذه السنة- أعنى سنة ثنتين و ستين و مائة- فاللَّه أعلم.
ثم دخلت سنة ثلاث و ستين و مائة
فيها حصر المقنع الزنديق الّذي كان قد نبغ بخراسان و قال بالتناسخ، و اتبعه على جهالته و ضلالته خلق من الطغام و سفهاء الأنام، و السفلة من العوام، فلما كان في هذا العام لجأ إلى قلعة كش فحاصره سعيد الحريثى فألح عليه في الحصار، فلما أحس بالغلبة تحسى سما و سم نساءه فماتوا جميعا، عليهم لعائن اللَّه. و دخل الجيش الإسلامي قلعته فاحتزوا رأسه و بعثوا به إلى المهدي، و كان المهدي بحلب.
قال ابن خلكان: كان اسم المقنع عطاء، و قيل حكيم، و الأول أشهر. و كان أولا قصارا ثم ادعى الربوبية، مع أنه كان أعور قبيح المنظر، و كان يتخذ له وجها من ذهب، و تابعه على جهالته خلق