responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 138

و مستحب، و زهد سلامة، فأما الواجب فالزهد في الحرام، و الزهد عن الشهوات الحلال مستحب، و الزهد عن الشبهات سلامة. و كان هو و أصحابه يمنعون أنفسهم الحمام و الماء البارد و الحذاء و لا يجعلون في ملحهم أبزارا، و كان إذا جلس على سفرة فيها طعام طيب رمى بطيبها إلى أصحابه و أكل هو الخبز و الزيتون. و قال قلة الحرص و الطمع تورث الصدق و الورع، و كثرة الحرص و الطمع تورث الغم و الجزع. و قال له رجل: هذه جبة أحب أن تقبلها منى. فقال: إن كنت غنيا قبلتها، و إن كنت فقيرا لم أقبلها. قال: أنا غنى. قال: كم عندك؟ قال ألفان. قال: تود أن تكون أربعة آلاف؟

قال: نعم، قال فأنت فقير، لا أقبلها منك. و قيل له: لو تزوجت؟ فقال: لو أمكننى أن أطلق نفسي لطلقتها. و مكث بمكة خمسة عشر يوما لا شي‌ء له و لم يكن له زاد سوى الرمل بالماء، و صلى بوضوء واحد خمس عشرة صلاة، و أكل يوما على حافة الشريعة كسيرات مبلولة بالماء وضعها بين يديه أبو يوسف الغسوليّ، فأكل منها ثم قام فشرب من الشريعة ثم [جاء و استلقى على قفاه و قال: يا أبا يوسف لو علم الملوك و أبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش. فقال له أبو يوسف: طلب القوم الراحة و النعيم فأخطئوا الطريق المستقيم. فتبسم إبراهيم و قال: من أين لك هذا الكلام؟ و بينما هو بالمصيصة في جماعة من أصحابه إذ جاءه راكب فقال:

أيكم إبراهيم بن أدهم؟ فأرشد إليه، فقال: يا سيدي أنا غلامك، و إن أباك قد مات و ترك ما لا هو عند القاضي، و قد جئتك بعشرة آلاف درهم لتنفقها عليك إلى بلخ، و فرس و بغلة. فسكت إبراهيم طويلا ثم رفع رأسه فقال: إن كنت صادقا فالدراهم و الفرس و البغلة لك، و لا تخبر به أحدا.

و يقال: إنه ذهب بعد ذلك إلى بلخ و أخذ المال من الحاكم و جعله كله في سبيل اللَّه.

و كان معه بعض أصحابه فمكثوا شهرين لم يحصل لهم شي‌ء يأكلونه، فقال له إبراهيم: ادخل إلى هذه الغيضة- و كان ذلك في يوم شات- قال: فدخلت فوجدت شجرة عليها خوخ كثير فملأت منه جرابى ثم خرجت، فقال: ما معك؟ قلت: خوخ. فقال: يا ضعيف اليقين! لو صبرت لوجدت رطبا جنيا، كما رزقت مريم بنت عمران. و شكا إليه بعض أصحابه الجوع فصلى ركعتين فإذا حوله دنانير كثيرة فقال لصاحبه: خذ منها دينارا، فأخذه و اشترى لهم به طعاما. و ذكروا أنه كان يعمل بالفاعل ثم يذهب فيشترى البيض و الزبدة و تارة الشواء و الجوذبان و الخبيص فيطعمه أصحابه و هو صائم، فإذا أفطر يأكل من ردي‌ء الطعام و يحرم نفسه المطعم الطيب ليبر به الناس تأليفا لهم و تحببا و توددا إليهم.

و أضاف الأوزاعي إبراهيم بن أدهم فقصر إبراهيم في الأكل فقال: مالك قصرت؟ فقال:

لأنك قصرت في الطعام. ثم عمل إبراهيم طعاما كثيرا و دعا الأوزاعي فقال الأوزاعي: أما تخاف.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست