responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 5

في أربعة أيام قبل خلق السماء، و أنبت فيها من كل زوجين اثنين، دلالة للالباء من جميع ما يحتاج العباد اليه في شتائهم و صيفهم، و لكل ما يحتاجون اليه و يملكونه من حيوان بهيم* و بدأ خلق الإنسان من طين، و جعل نسله من سلالة من ماء مهين، في قرار مكين. فجعله سميعا بصيرا، بعد ان لم يكن شيئا مذكورا. و شرفه بالعلم و التعليم. خلق بيده الكريمة آدم أبا البشر، و صور جثته و نفخ فيه من روحه و أسجد له ملائكته، و خلق منه زوجه حواء أم البشر فأنّس بها و حدته، و أسكنهما جنته، و أسبغ عليهما نعمته. ثم أهبطهما الى الأرض لما سبق في ذلك من حكمة الحكيم. و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و قسمهم بقدره العظيم ملوكا و رعاة، و فقراء و أغنياء، و أحرارا و عبيدا، و حرائر و إماء. و أسكنهم أرجاء الأرض، طولها و العرض، و جعلهم خلائف فيها يخلف البعض منهم البعض، الى يوم الحساب و العرض على العليم الحكيم. و سخر لهم الأنهار من سائر الأقطار، تشق الأقاليم الى الأمصار، ما بين صغار و كبار، على مقدار الحاجات و الأوطار، و أنبع لهم العيون و الآبار. و أرسل عليهم السحائب بالامطار، فأنبت لهم سائر صنوف الزرع و الثمار. و آتاهم من كل ما سألوه بلسان حالهم و قالهم: «و إن تعدوا نعمة اللَّه لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار»:

فسبحان الكريم العظيم الحليم* و كان من أعظم نعمه عليهم. و إحسانه اليهم، بعد أن خلقهم و رزقهم و يسر لهم السبيل و أنطقهم، أن أرسل رسله اليهم، و أنزل كتبه عليهم: مبينة حلاله و حرامه، و أخباره و أحكامه، و تفصيل كل شي‌ء في المبدإ و المعاد الى يوم القيامة* فالسعيد من قابل الاخبار بالتصديق و التسليم، و الأوامر بالانقياد و النواهي بالتعظيم. ففاز بالنعيم المقيم، و زحزح عن مقام المكذبين في الجحيم ذات الزقوم و الحميم، و العذاب الأليم* أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه يملأ أرجاء السموات و الأرضين، دائما أبد الآبدين، و دهر الداهرين، الى يوم الدين، في كل ساعة و آن و وقت و حين، كما ينبغي لجلاله العظيم، و سلطانه القديم و وجهه الكريم* و أشهد أن لا إله الا اللَّه وحده لا شريك له، و لا ولد له و لا والد له، و لا صاحبة له، و لا نظير و لا وزير له و لا مشير له، و لا عديد و لا نديد و لا قسيم* و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، و حبيبه و خليله، المصطفى من خلاصة العرب العرباء من الصميم، خاتم الأنبياء، و صاحب الحوض الأكبر الرواء، صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة، و حامل اللواء الّذي يبعثه اللَّه المقام المحمود الّذي يرغب اليه فيه الخلق كلهم حتى الخليل إبراهيم صلى اللَّه عليه و على سائر إخوانه من النبيين و المرسلين، و سلم و شرف و كرم أزكى صلاة و تسليم، و أعلى تشريف و تكريم. و رضى اللَّه عن جميع أصحابه الغرّ الكرام، السادة النجباء الأعلام، خلاصة العالم بعد الأنبياء. ما اختلط الظلام بالضياء، و أعلن الداعي بالنداء و ما نسخ النهار ظلام الليل البهيم*

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست