responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 238

فتحدث بها القبط فيما بينهم و وصلت الى فرعون فذكرها له بعض أمرائه و أساورته و هم يسمرون عنده فامر عند ذلك بقتل أبناء بنى إسرائيل حذرا من وجود هذا الغلام و لن يغنى حذر من قدر.

و ذكر السدي عن أبى صالح و أبى مالك عن ابن عباس و عن مرة عن ابن مسعود و عن أناس من الصحابة أن فرعون رأى في منامه كأن نارا قد أقبلت من نحو بيت المقدس فأحرقت دور مصر و جميع القبط و لم تضر بنى إسرائيل* فلما استيقظ هاله ذلك فجمع الكهنة و الحزأة و السحرة و سألهم عن ذلك فقالوا هذا غلام يولد من هؤلاء يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه فلهذا أمر بقتل الغلمان و ترك النسوان و لهذا قال اللَّه تعالى‌ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ‌ و هم بنو إسرائيل‌ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ‌ أي الذين يؤل ملك مصر و بلادها اليهم‌ (وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) أي سنجعل الضعيف قويا و المقهور قادرا و الذليل عزيزا و قد جرى هذا كله لبني إسرائيل كما قال تعالى‌ وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى‌ عَلى‌ بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا الآية و قال تعالى كم تركوا من جنات و عيون و كنوز و مقام كريم كذلك و أورثناها بنى إسرائيل و سيأتي تفصيل ذلك في موضعه إن شاء اللَّه.

و المقصود أن فرعون احترز كل الاحتراز أن لا يوجد موسى حتى جعل رجالا و قوابل يدورون على الحبالى و يعلمون ميقات وضعهن فلا تلد امرأة ذكرا إلا ذبحه أولئك الذباحون من ساعته* و عند أهل الكتاب أنه إنما كان يأمر بقتل الغلمان لتضعف شوكة بنى إسرائيل فلا يقاومونهم إذا غالبوهم أو قاتلوهم. و هذا فيه نظر بل هو باطل و إنما هذا في الأمر بقتل الولدان بعد بعثة موسى كما قال تعالى‌ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَ اسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ‌ و لهذا قالت بنو إسرائيل لموسى‌ أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا فالصحيح أن فرعون إنما أمر بقتل الغلمان أولا حذرا من وجود موسى. هذا و القدر يقول يا أيها ذا الملك الجبار المغرور بكثرة جنوده و سلطة بأسه و اتساع سلطانه قد حكم العظيم الّذي لا يغالب و لا يمانع و لا يخالف أقداره ان هذا المولود الّذي تحترز منه و قد قتلت بسببه من النفوس ما لا يعد و لا يحصى لا يكون مرباه إلا في دارك و على فراشك و لا يغذى إلا بطعامك و شرابك في منزلك و أنت الّذي تتبناه و تربيه و تتعداه و لا تطلع على سر معناه ثم يكون هلاكك في دنياك و أخراك على يديه لمخالفتك ما جاءك به من الحق المبين و تكذيبك ما أوحى اليه لتعلم أنت و سائر الخلق أن رب السموات و الأرض هو الفعال لما يريد و أنه هو القوى الشديد ذو البأس العظيم و الحول و القوة و المشيئة التي لا مرد لها.

و قد ذكر غير واحد من المفسرين أن القبط شكوا الى فرعون قلة بنى إسرائيل بسبب قتل‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست