responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 190

عمدتهم شيئان أحدهما أنه قال‌ (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ) و لم يقل أخوهم كما قال و الى مدين أخاهم شعيبا. و الثاني أنه ذكر عذابهم بيوم الظلة و ذكر في أولئك الرجفة أو الصيحة و الجواب عن الأول أنه لم يذكر الإخوة بعد قوله‌ (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) لانه وصفهم بعبادة الأيكة فلا يناسب ذكر الإخوة هاهنا و لما نسبهم الى القبيلة شاع ذكر شعيب بأنه أخوهم* و هذا الفرق من النفائس اللطيفة العزيزة الشريفة* و أما احتجاجهم بيوم الظلة فان كان دليلا بمجرده على أن هؤلاء أمة أخرى فليكن تعداد الانتقام بالرجفة و الصيحة دليلا على انهما أمتان أخريان و هذا لا يقوله أحد يفهم شيئا من هذا الشأن* فأما الحديث الّذي أورده الحافظ ابن عساكر في ترجمة النبي شعيب (عليه السلام) من طريق محمد بن عثمان بن أبى شيبة عن أبيه عن معاوية بن هشام عن هشام بن سعد عن شفيق بن أبى هلال عن ربيعة بن سيف عن عبد اللَّه ابن عمرو مرفوعا (إن مدين و أصحاب الأيكة أمتان بعث اللَّه اليهما شعيبا النبي (عليه السلام)) فإنه حديث غريب و في رجاله من تكلم فيه* و الأشبه أنه من كلام عبد اللَّه بن عمرو مما أصابه يوم اليرموك من تلك الزاملتين من أخبار بنى إسرائيل و اللَّه أعلم* ثم قد ذكر اللَّه عن أهل الايكة من المذمة ما ذكره عن أهل مدين من التطفيف في المكيال و الميزان فدل على أنهم أمة واحدة اهلكوا بأنواع من العذاب* و ذكر في كل موضع ما يناسب من الخطاب. و قوله‌ (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ذكروا أنهم أصابهم حر شديد و أسكن اللَّه هبوب الهوا عنهم سبعة أيام فكان لا ينفعهم مع ذلك ماء و لا ظل و لا دخولهم في الأسراب فهربوا من محلتهم الى البرية فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها ليستظلوا بظلها فلما تكاملوا فيه أرسلها اللَّه ترميهم بشرر و شهب و رجفت بهم الأرض و جاءتهم صيحة من السماء فازهقت الأرواح و خربت الأشباح‌ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ‌. و نجى اللَّه شعيبا و من معه من المؤمنين) كما قال تعالى و هو أصدق القائلين‌ (وَ لَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ أَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ. كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ). و قال تعالى‌ وَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ. فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ‌ و هذا في مقابلة قولهم‌ (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) ثم ذكر تعالى عن نبيهم أنه نعاهم الى أنفسهم موبخا و مؤنبا و مقرعا فقال تعالى‌ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى‌ عَلى‌ قَوْمٍ كافِرِينَ‌ أي أعرض عنهم موليا عن محلتهم بعد هلكتهم قائلا (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ) أي قد أديت ما كان واجبا عليّ من البلاغ التام و النصح الكامل و حرصت على هدايتكم بكل ما أقدر عليه و أتوصل اليه فلم‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست