و لا ريب في أن هذه اليمين لا تنعقد، لأنها تتعلق بفعل الغير لا بفعل المناشد نفسه، فلا تجب على ذلك الغير الاستجابة لطلبه، و لا كفارة عليه إذا خالف و لم يستجب له، و لا اثم على القائل بإحلافه الغير على اجابة طلبه و إنجاح مقصده و هذا النوع من اليمين كثير الورود و الاستعمال في الأدعية المأثورة و غير المأثورة، فهي توسل و استشفاع الى اللّه سبحانه أن يجيب دعوة الداعي بحرمة الشيء الذي أقسم به عليه، فيقول الداعي: الهي أسألك بكتابك الكريم و بنبيك العظيم ان تستجيب لي دعوتي.
المسألة الثالثة:
و منها اليمين التي يوقعها الحالف لتأكيد خبره عن حدوث شيء ماض، أو أمر حاضر، أو شيء يأتي في ما بعد، أو لتأكيد خبره بعدم حدوثه، فيقول: و اللّٰه ان زيدا قد قدم من سفره بالأمس، أو انه وصل الآن، أو أنه يأتي غدا، أو يقول: و اللّه انه لم يأت، أو أنه لا يأتي.
و أثر هذه اليمين هو اثم الحالف إذا كان كاذبا في خبره، سواء كان اخباره عن أمر ماض أو أمر حاضر أو مستقبل، و لا كفارة عليه في مخالفة يمينه للواقع، بل و لا كفارة عليه في المخالفة و ان كان ما أخبر به مستحيل الوقوع، و لا اثر له سوى الإثم كما في الصور المتقدمة، فيكون في جميع الصور مأثوما من حيث الكذب و مأثوما من حيث اليمين على الكذب.
المسألة الرابعة:
اليمين الكاذبة أو اليمين الفاجرة محرمة شديدة التحريم، و هي- كما ذكرنا- أن يكذب الرجل و يحلف باللّه على الكذب في جميع الصور المتقدم ذكرها، و هي إحدى كبائر المعاصي و سريعة العقوبة و قد ورد في الحديث عن الرسول 6: إياكم و اليمين الفاجرة فإنها تدع الديار من أهلها بلاقع (يعني خالية مقفرة)، و عن أئمة الهدى (ع): ان اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها و تثقلان الرحم، و ان ثقل الرحم انقطاع النسل.