و كان الحيوان طاهر العين في حال حياته، فالعظم المأخوذ منه بعد الموت محكوم بالطهارة و لا ينجس بنجاسة الحيوان بالموت، و ذكرنا في المسألة الحادية و الستين ان العظم مما يحل أكله من الذبيحة إذا كانت محللة الأكل.
و نتيجة لذلك فقد يتوهم أن العظم إذا أخذ من ميتة نجسة غير مذكاة، و كانت ميتة حيوان يحل أكله، ثم طهر عن نجاسته العرضية بملاقاته لحم الميتة، أمكن ان تؤخذ منه مادة الجلاتين و تدخل في تركيب بعض الأطعمة، و يحل الطعام الذي تدخل في تركيبه.
و هذا التوهم فاسد لا يمكن الاعتماد عليه، فالعظم جزء من الميتة فيحرم كما يحرم أكل الميتة، و الأدلة إنما دلت على طهارته لأنه جزء لا تحله الحياة، و لم تدل على إباحة أكله، كما دلت على اباحة شرب اللبن المأخوذ من ضرع الميتة و أكل البيضة و الأنفحة المأخوذتين منها، فيحرم أكل العظم على الأقوى سواء أخذه الإنسان من الميتة مباشرة أم وجده بيد مسلم أو بيد كافر، و مع التنازل عن ذلك، فلا أقل من لزوم الاحتياط بتركه.
المسألة 80:
إذا قطعت من الحيوان قطعة و هو حي قبل أن يذكى بالذبح أو النحر أو الصيد، كما ضربه الإنسان بسلاح فأبان القطعة منه أو عضه سبع فأبانها، لم يحل أكل القطعة المبانة و كانت ميتة نجسة، و كذلك إذا ضرب السمكة فقطع منها قطعة قبل أن يخرج السمكة من الماء حية أو يأخذها و هي حية في خارج الماء، فلا يحل أكل تلك القطعة لأنها ميتة و ان كانت غير نجسة.
و إذا أخرج السمكة من الماء و هي حية أو أخذها و هي حية في خارج الماء تمت ذكاتها بذلك، فإذا قطع منها قطعة بعد ذكاتها و هي لا تزال حية، حل أكل القطعة، و حل أكل السمكة، و كذلك إذا أخذ الجراد و هو حي تمت تذكيته، فإذا قطع من الجرادة قطعة قبل أن تموت حل أكل القطعة و أكل بقية الجرادة.